للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قبيل ما يتوهم فيه الجزئي معارضًا وفي الحقيقة ليس بمعارض؛ فإن القاعدة إذا كانت كلية ثم ورد في شيء مخصوص وقضية عينية ما يقتضي بظاهره المعارضة في تلك القضية المخصوصة وحدها مع إمكان أن يكون معناها موافقًا لا مخالفًا؛ فلا إشكال في أن لا معارضة هنا، وهو هنا محل التأويل (١) لمن تأول، أو محل عدم الاعتبار إن لاق بالموضع الاطراح والإهمال ... وأما تخصيص العموم فشيء آخر؛ لأنه إنما يعمل بناء على أن المراد بالمخصِّص ظاهره من غير تأويل ولا احتمال، فحينئذ يعمل ويعتبر كما قاله الأصوليون، وليس ذلك مما نحن فيه" (٢).

• ومن أمثلة "فإن قال قائل":

• المثال الأول:

ما ذكره الإمام الشافعي في (ابتداء الناسخ والمنسوخ) بعد أن قرر أن السنة لا تنسخ الكتاب؛ وإنما هي تبع للكتاب، ومفسرة معنى ما أنزل الله منه جُملاً (٣). ثم أورد تقدير استدراك عليه فقال: "فإن قال قائل: فقد وجدنا الدلالة على أن القرآن يَنسخُ القرآن، لأنه لا مِثْلَ للقرآن، فأوجدنا ذلك في السنة.

قال الشافعي: فيما وصفت من فرض الله على الناس اتباع أمر رسول الله دليل على أن سنة رسول الله إنما قبلت عن الله، فمن اتبعها فبكتاب الله تبعها، ولا نجد خبرًا ألزمه الله خلقه نصًّا بيِّنًا إلا كتابه ثم سنة نبيه، فإذا كانت السنة كما وصفتُ لا شبه


(١) التأويل لغة: من آل الشيء يؤول أولاً ومآلاً: رجع، فالتأويل: تفسير ما يؤول إليه الشيء بمعنى: يرجع. يُنظر: الصحاح (ص: ٦٣)؛ المصباح المنير (١/ ٢٩) مادة: (أول).
وفي الاصطلاح: صرف الكلام عن ظاهره إلى وجه يحتمله. يُنظر: البرهان (١/ ١١٥)؛ إحكام الفصول (١/ ١٧٦)؛ روضة الناظر (١/ ٥٠٨)؛ تيسير التحرير (١/ ١٤٤).
(٢) الموافقات (٤/ ٩ - ١١).
(٣) الرسالة (ص: ١٨١).

<<  <   >  >>