للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المثال الثالث:

ما ذكره ابن حزم (١) في فصل إبطال القول بالعلل: "قال أبو محمد (٢): فإن قال قائل: أنتم تنكرون القول بالعلل وتقولون بالأسباب فما الفرق بين الأمرين؟

فالجواب - وبالله تعالى التوفيق -: أن الفرق بين العلة وبين السبب وبين العلامة وبين الغرض فروق ظاهرة لائحة واضحة وكلها صحيح في بابه، وكلها لا يوجب تعليلاً في الشريعة، ولا حكمًا بالقياس أصلاً، فنقول- وبالله تعالى التوفيق -:

إن العلة هي: اسم لكل صفة توجب أمرًا ما إيجابًا ضروريًّا، والعلة لا تفارق المعلول ألبتة؛ ككون النار علة الإحراق، والثلج علة التبريد، الذي لا يوجد أحدهما دون الثاني أصلاً، وليس أحدهما قبل الثاني أصلاً ولا بعده.

وأما السبب فهو: كل أمر فعل المختار فعلاً من أجله لو شاء لم يفعله؛ كغضب أدى إلى انتصار، فالغضب سبب الانتصار، ولو شاء المنتصر ألا ينتصر لم ينتصر، وليس السبب موجبًا للشيء المسبب منه ضرورة، وهو قبل الفعل المتسبب منه ولا بد" (٣).

• ومن أمثلة "لقائل أن يقول":

• المثال الأول:

ذكر الآمدي في مسألة (الغاية التي يقع التخصيص إليها) قول أبي الحسين: "ومنهم من جعل نهاية التخصيص في جميع الألفاظ العامة جمعًا كثيرًا يعرف


(١) هو: أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، الفقيه المجتهد، الحافظ، العالم بعلوم جمة، كان شافعيًا ثم انتقل إلى مذهب أهل الظاهر. من مصنفاته: "الإحكام في أصول الأحكام"، و" الفصل في الملل والأهواء والنحل"، و"المحلى بشرح المجلّى بالحجج والآثار"، (ت: ٤٥٦ هـ).
تُنظر ترجمته في: البداية والنهاية (١٢/ ٩١)؛ طبقات الحفاظ (ص: ٤٣٦)؛ شذرات الذهب (٣/ ٢٩٩).
(٢) المراد به ابن حزم.
(٣) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٨/ ٥٦٣).

<<  <   >  >>