للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مدلول اللفظ وإن لم يكن محدودًا، وهو مذهب أبي الحسين البصري (١) ".

ثم ذكر حجته فقال: "وأما حجة أبي الحسين البصري فإنه قال: لو قال القائل: قتلت كل من في البلد، وأكلت كل رمانة في الدار. وكان فيها تقدير ألف رمانة، وكان قد قتل شخصًا واحدًا أو ثلاثة، وأكل رمانة واحدة أو ثلاث رمانات؛ فإن كلامه يعد مستقبحًا مستهجنًا عند أهل اللغة. وكذلك إذا قال لعبده: من دخل داري فأكرمه، أو قال لغيره: من عندك، وقال: أردت به زيدًا وحده، أو ثلاثة أشخاص معينة أو غير معينة؛ كان قبيحًا مستهجنًا. ولا كذلك فيما إذا حمل على الكثرة القريبة من مدلول اللفظ فإنه يعد موافقًا مطابقًا لوضع أهل اللغة.

وهذه الحجة وإن كانت قريبة من السداد، وقد قلده فيها جماعة كثيرة؛ إلا أن لقائل أن يقول: متى يكون ذلك مستهجنًا منه، إذا كان مريدًا للواحد من جنس ذلك العدد الذي هو مدلول اللفظ وقد اقترن به قرينة، أو إذا لم يكن الأول ممنوع والثاني مسلم.

وبيان ذلك النص وصحة الإطلاق:

أما النص فقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: ١٧٣]، وأراد بالناس القائلين: نعيم بن مسعود الأشجعي (٢)


(١) هو: أبو الحسين، محمد بن علي بن الطيب البصري، من أئمة المعتزلة الكبار، وتلميذ القاضي عبدالجبار، إمام وقته في الأصول، ومن أذكياء زمانه. من مصنفاته: "المعتمد " في أصول الفقه، و" تصفح الأدلة"، و" نقض الشافعي في الإمامة"، (ت: ٤٣٦ هـ).
تُنظر ترجمته في: فِرق وطبقات المعتزلة (ص: ١٢٥)؛ طبقات المعتزلة (ص: ١٠٥)؛ وفيات الأعيان (٤/ ٢٧١).
يُنظر: المعتمد (١/ ٢٣٦).
(٢) هو: أبو سلمة، نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي، صحابي مشهور، أسلم ليالي الخندق، وهو الذي خذل المشركين وبني قريظة. قتل نعيم في أول خلافة علي قبل قدومه البصرة في وقعة الجمل، وقيل: مات في خلافة عثمان.
تُنظر ترجمته في: الاستيعاب (٤/ ١٥٠٨)؛ الإصابة (٦/ ٤٦١)؛ تهذيب التهذيب (١٠/ ٤١٥).

<<  <   >  >>