للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعينه، ولم يعد ذلك مستهجنًا؛ لاقترانه بالدليل.

وأما الإطلاق فصحة قول القائل: أكلت الخبز واللحم وشربت الماء والمراد به واحد من جنس مدلولات اللفظ العام، ولم يكن ذلك مستقبحًا؛ لاقترانه بالدليل.

نعم إذا أطلق اللفظ العام وكان الظاهر منه إرادة الكل وما يقاربه في الكثرة، وهو مريد للواحد البعيد من ظاهر اللفظ من غير اقتران دليل به يدل عليه؛ فإنه يكون مستهجنًا" (١).

• المثال الثاني:

قال السراج الأرموي في مسألة (وقوع النسخ) في أدلة القائلين المثبتين للنسخ: "والمعتمد قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦].

وجه الاستدلال: أن صحة التمسك بالقرآن إن توقفت على صحة النسخ وقد صح لصحة نبوته - عليه السلام -؛ فيصح النسخ وإن لم يتوقف تمسكنا بالآية المذكورة.

ولقائلٍ أن يقول: ملزومية الشيء لغيره لا تقتضي وقوعه ولا صحة وقوعه" (٢).

• بيان الاستدراك:

احتج المثبتون للنسخ بأن الاستدلال بالقرآن متوقف على ثبوت نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وكونها ناسخة لما قبلها، وحينئذ يقال: نبوته - صلى الله عليه وسلم - إن توقفت على نسخ الشرائع السابقة فقد حصل المطلوب، وإن لم تتوقف عليه فالآية تدل على جواز النسخ.

فاستدرك السراج الأرموي على هذا الاستدلال: بأن قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ} جملة شرطية معناها: إن ننسخ نأت، وصدق الملازمة بين الشيئين لا يقتضي


(١) يُنظر: الإحكام للآمدي (٢/ ٣٤٧ - ٣٤٩).
(٢) التحصيل (٢/ ١١).

<<  <   >  >>