للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استدرك عليه البخاري (١) بقوله: "قوله: (ولعامة العلماء) أي الذين قالوا بأن للأمر موجبًا متعينًا (أن صيغة الأمر لفظ خاص من تصاريف الفعل) والأولى أن يقال: صيغة الأمر أحد تصاريف الفعل كما قال شمس الأئمة (٢)؛ لأن النزاع وقع في خصوصه، فلا يستقيم أن يجعل مقدمة الدليل، ... " (٣).

• بيان الاستدراك:

ذكر البزدوي أن للعلماء في موجب الأمر قولين: منهم من يرى للأمر موجبًا متعيناً، وهو قول عامة الفقهاء. ومنهم من قال: إنه مجمل، لا يجب به حكم إلا بدليل. ثم ذكر دليل الفريق الثاني، وأردفه بذكر أدلة الفريق الأول القائلين: إن للأمر موجبًا متعينًا، فذكر أن صيغة الأمر لفظ خاص من تصاريف الفعل، فاستدرك عليه البخاري في عبارته بأن الأولى أن يقال: صيغة الأمر أحد تصاريف الفعل؛ لأن الخلاف مع الخصم في خصوص صيغة الأمر لمعنى خاص، فلا يصح أن يجعل الخلاف مقدمة للدليل؛ لأن من شروط المقدمة: أن تكون متفقًا عليها بين الخصمين.

ومعنى الدليل الذي ذكره البزدوي: أن كل عبارة لها معنى خاص باعتبار أصل الوضع، ولا يثبت الاشتراك في المعنى إلا بعارض، فكذلك صيغة الأمر؛ لأنه أحد تصاريف الكلام، ويلزم من ذلك أن يكون لها معنى خاص في أصل الوضع، ولا يثبت الاشتراك في صيغة الأمر إلا بعارض مغير له ولم يوجد.


(١) هو: عبدالعزيز بن أحمد بن محمد البخاري، علاء الدين، من علماء الحنفية الأجلاء. من مصنفاته: "كشف الأسرار" شرح فيه أصول البزدوي، وهو من أعظم الشروح وأكثرها فائدة، وله " غاية التحقيق " وهو شرح أصول الأخسيكثي، وله شرح على " الهداية " وصل فيه إلى النكاح، (ت: ٧٣٠ هـ).
تُنظر ترجمته في: الجواهر المضِيَّة (٢/ ٤٢٨)؛ الفوائد البهية (ص: ٩٤ - ٩٥)؛ تاج التراجم (ص: ١٨٨ - ١٨٩).
(٢) يُنظر: أصول السرخسي (١/ ١٦).
(٣) كشف الأسرار للبخاري (١/ ٢٥٩).

<<  <   >  >>