للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك قوله في مسألة (دلالة الأمر المجردة عن القرائن) في التلخيص (١): "وأما العبارة الدالة على المعنى القائم بالنفس؛ نحو قول القائل: (افعل)؛ فمترددة بين الدلالة على الوجوب، والندب، والإباحة، والتهديد، فيتوقف فيها حتى يثبت بقيود المقال أو قرائن الحال تخصصها ببعض المقتضيات، فهذا ما نرتضيه من المذهب".

وهو في هذا يوافق شيخه الباقلاني (٢).

وقال في البرهان (٣) بعد ما ذكر قول القاضي ورده: "وقد تعين الآن أن نبوح بالحق ونقول: (افعل) طلب محض، لا مساغ فيه لتقدير الترك، فهذا مقتضى اللفظ المجرد عن القرائن".

ثم قال: "وأنا أبني على منتهى الكلام شيئًا يُقَرّبُ ما اخترته من مذهب الشافعي - رحمه الله - فأقول: ثبت في وضع الشرع أن التمحيض في الطلب متوعد على تركه، وكل ما كان كذلك لا يكون إلا واجبًا، وهذا منتهى المسألة وبالله التوفيق".

وفي الورقات (٤) قال: "والأمر: استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب. والصيغة الدالة عليه (افعل)، وهي عند الإطلاق والتجرد عن القرينة تحمل عليه (٥) ".

• المثال الثالث:

الإمام الغزالي صنف المنخول من تعليقات الأصول في بداية حياته العلمية، وكان يقرر في مسائله آراء شيخه إمام الحرمين الجويني (٦)، ثم صنف المستصفى


(١) (١/ ٢٦١ - ٢٦٢).
(٢) مختصر التقريب والإرشاد (٢/ ٢٧).
(٣) (١/ ٢١٢ - ٢٢٣).
(٤) (ص: ١٩).
(٥) أي على الوجوب. يُنظر: شرح الورقات للمحلي (ص: ٥٨).
(٦) وذكر ذلك في آخر كتابه فقال: "هذا تمام القول في الكتاب، وهو تمام المنخول من تعليق الأصول بعد حذف الفضول، وتحقيق كل مسألة بماهية العقول، مع الإقلاع عن التطويل، والتزام ما فيه شفاء الغليل، والاقتصار على ما ذكره إمام الحرمين - رحمه الله - في تعاليقه من غير تبديل وتزييد في المعنى وتعليل، سوى تكلف في تهذب كل كتاب، بتقسيم فصول، وتبويب أبواب؛ رومًا لتسهيل المطالعة عند مسيس الحاجة إلى المراجعة". المنخول (ص ٥٠٤).

<<  <   >  >>