للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انْطَلِقِ، انْطَلِقْ. قال: فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى دَوْحَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ دَوْحَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا، فَقَالَا لِيَ: ارْقَ فِيهَا، فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتُفْتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرُ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرُ خَلْقِهِم كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ؛ فَقَالَا لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ؛ وَإِذَا نَهْرٌ مُعْرِضٌ (١) يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ [المَحْضِ] (٢) فِي البَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا، فَذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، وَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ. قَالَ: قَالَا (٣): هِيَ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَا مَنْزِلُكَ. قَالَ: فَسَمَا بَصَرِي فِي السَّمَاءِ صَاعِدًا، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ، فَقَالَا لِي: هَذَا مَنْزِلُكَ. فَقُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَلَأَدْخُلَهُ. قَالَا: أَمَّا الآنَ فَلَا، وَأَنْتَ دَاخِلَهُ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمَا: إِنِّي [قَدْ] (٤) رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ قَالَا لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ ثُمَّ يَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَاهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، وَأَمَّا


(١) النهر مُعْرِض لك، أي: موجود ظاهر لا يُمْنَعُ منه. «العين» (١/ ٢٧٢).
(٢) وفي (ح) و (ق): المخض.
(٣) زيد في (س) و (ق): لي.
(٤) ليست في (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>