للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باعتبار ما جاءهم من طرقها، وكثيراً ما يذهب إلى مثل هذا أصحاب الحديث ممن لا يحيط علماً بالطرق، فتأمل هذا، واحفظه، واعتبر به كتب الحديث، فإنك تجد الأمر واضحاً (١).

وهذا الرأي محل نظر، فقد أورد ابن القيم في كتاب "الفروسية" عدة أمثلة من "المسند" ذاته، وفي أحاديث الأحكام، وأرفقها بعللها التي طعن بها الإمام أحمد نفسه في تلك الأحاديث فيما رواه أصحابه عنه (٢).

وإذا تبين أن "المسند" ليس خالصاً للصحيح، فإن القسم الذي ينزل عن درجة الصحة منه اختلف فيه العلماء، وقد رأينا أن السيوطي -رَحِمَهُ اللهُ- جعله كله من الحسن وما يقاربه، والذي يهمنا من ذلك هو دعوى وجود بعض الأحاديث الموضوعة الباطلة. فهناك من ادعى وجود ذلك في "المسند"، وهناك من أنكر.

فمن جملة من ادعى الوضع في "المسند" الحافظ ابن كثير، فقد قال في رده على أبي موسى المديني: وأما قول الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر المديني عن "مسند الإمام أحمد!: إنه صحيح، فقول ضعيف، فإن فيه أحاديث ضعيفة بل موضوعة، كأحاديث فضائل مرو وعسقلان والبرث الأحمر عند حمص، وغير ذلك كما نبه عليه طائفة من الحفاظ (٣). اهـ

وكذلك ادعى الوضع الحافظ أبو الفضل العراقي في نكته على "مقدمة ابن الصلاح" (٤)، وفي جزء أفرده لبيان تلك الأحاديث والكلام عليها واحداً واحداً، وهي تسعة أحاديث. قال في مقدمته: وقع لنا في أثناء السماع كلام: هل في "المسند" أحاديث ضعيفة أو كله صحيح؟ فقلت: إن فيه أحاديث ضعيفة كثيرة، وإن فيه أحاديث يسيرة موضوعة (٥).


(١) المدخل ص ٤٧١ - ٤٧٢.
(٢) مقدمة تحقيق "المسند" طبعة مؤسسة الرسالة، ص ٦٨ - ٧٢.
(٣) الباعث الحثيث ص ٣١.
(٤) قال السيوطي في "تدريب الراوي" ١/ ١٧٢: قال العراقي: وأما وجود الضعيف فيه فهو محقق، بل فيه أحاديث موضوعة جمعتها في جزء، ولعبد الله ابنه فيه زيارات فيها الضعيف والموضوع.
(٥) القول المسدد ص ٣٣، تحقيق عبد الله الدرويش، ط. دار اليمامة، دمشق.