للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الحنابلة تُتهم بصفة متكررة على أنهم مجسمة مخالفون لما يعتقده علماء الإسلام وأئمته، ولم يكونوا يرضون بهذه التهمة العظيمة والفرية الكبيرة، التي تطعن عليهم في أصل الدين وصميمه، فكانوا يردون بأبلغ الردود على ذلك، ويجابهون الخصوم بأسنة الأقلام وقوارع الحجج.

ويذكر المؤرخون أن السلطان جلال الدولة لما دخل إلى بغداد، ومعه وزيره نظام الملك سنة ٤٨٢ هـ، قال النظام: أريد أن أستدعي بهم -يعني الحنابلة- وأسالهم عن مذهبهم، فقد قيل: إنهم مجسمة، فانبرى ابن عقيل لذلك وتصدى للرد عليه، وكان خلاصة ما أعد لهم من الحجة أن يقول لهم: نحن نقلد فيما نعتقد من اعتقادات الإمام أحمد ابنَ حنبل، الذي أجمعت الأمة على أنه إمام السنة وحامل لوائها، فإن طعن أحد علينا فليطعن عليه (١).

وقد وكانت علاقة الحنابلة بالخلافة العباسية جيدة على وجه العموم خلال هذه الفترة، ومن أجل ذلك تقلدوا عدة مناصب في القضاء والوزارة، وعملوا في بعض السفارات، وأشرفوا على إدارة المدارس والمكتبات. ولا يسعنا المجال في الراد تلك التقاليد لئلا نخرج عن الصدد، ويإمكان أي منا أن يطلع على ذلك من خلال تواريخ الوزارء والقضاة والمدارس والمكتبات في بغداد. وإننا لنقرأ على سبيل المثال في ترجمة عبد العزيز بن دُلف البغدادي أنه: "ولي نظر خزانة الكتب بمسجد الشريف الزيدي، ثم خزانة كتب التربة السلجوقية، ثم صرف عنها، ثم أعيد إليها" (٢).


(١) المصدرالسابق ١/ ١٥٠.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢١٨.