للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتب التفسير والحديث وشروحها وأمهات كتب المذاهب الأربعة وعلى مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الحافظ ابن القيم، وعلى كتب الحنابلة، فما هو إلا أن فتح الله بصيرتي وهداني للبحث عن الحق من غير تحزب لمذهب دون مذهب، فرأيت أن مذهب الحنابلة أشد تمسكًا بمنطوق الكتاب العزيز والسنة المطهرة ومفهومهما، فكنت حنبليًا من ذلك الوقت" (١).

وانتقل إلى العقيدة السلفية المستمدة من معين كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وماوإن عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين، وخرج بذلك من ريقة الكتب التي كانت تُعلّم الفلسفة بدلًا من العقيدة الصافية كـ "الشفا" و"النجاة" و"الإشارات" و"المواقف" و"المقاصد" وغيرها، وقد أفصح عن ذلك كله في مقدمته لكتاب "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" (٢).

٤ - معرفته بالمذهب الحنبلي:

وعلى الرغم من أن الشيخ ابن بدران لم ينشأ في بيت من البيوتات التي توارثت فقه الإمام أحمد، فإنه بعد انتقاله من المذهب الشافعي إلى المذهب الحنبلي أخذ يتضلع من أصول هذا الذهب وفروعه، ويتعرف على طبقات علمائه ومؤلفاتهم حتى أحكم المعرفة به، وصنف كتابه "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" الذي أبان فيه عن اطلاع واسع علي كتب الحنابلة وآرائهم في مختلف الفنون، فإذا تحدث عن عالم أو عن كتاب تحدث حديث من قرأه وخبره وتتبع آراءه وعرف مزاياه، فهو لا يعتمد على ما ينقل في


= وإن حصلت ميزات لبعضهم على بعض فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو أمر لا يستدعي إقامة سوق التعصب والانتصار لإمام على آخر، وترتيبهم في المفاضلة ليس دينًا يجب على الأمة صرفته والإلتزام به، بل يجب على الأمة معرفة ما كانوا عليه من فضل وعلم، والأدلة التي استندوا إليها في آثارهم، والقول الحق الذي هو حكم الله وشرعه في حق الناس للعمل به وتطبيقه.
وما يثار من بعض متبعة المذاهب ومقلدتهم من تعصب ونزاع ومفاضلة لينهم وتقليد أعمى قد يؤدي إلى ترك الحق الموافق لما جاء عن الله سبحانه وعن رسوله، لمجرد أن إمامه لم يقله، إن هذا يعتبر أمرًا يجب الحذر منه، والإبتعاد عنه، فلم يكن في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا سلف الأمة الصالح وأثمتها المعتبرين، فيجب التنبه لذلك، والإقتداء بالسلف الصالح الذين اقتدوا برسولنا - صلى الله عليه وسلم -.
(١) نبذة من ترجمة ابن بدران في مقدمة "المدخل" ص (أ).
(٢) ص ٤٢ - ٤٣.