للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الطوفي:

فقد اتُّهم بالتشيّع، بل بالرفض، وأُظْهر من شِعره ما يدلُّ على ذلك. وقد وصفه الذهبيّ بـ"ـالشيعي"، وقال فى "ذيل العبر". "وكان على بدعته كثيرَ العلم، عاقلاً متديناً"، وعن الذهبيّ نقل اليافعي في "مرآة الجنان".

وقال الصفدي: "كان فقيهاً ... شيعياً، يُظاهر بذلك، وُجِدَ بخطه هجْوٌ في الشيخين، ففُوِّض أمرُه الى بعض القضاة، وشُهِدَ عليه بالرفض، فضُرب ونُفِيَ إلى قُوص، فلم يُرَ منه بعد ذلك ما يَشِين، ولازم الإشتغال وقراءة الحديث".

نقل ذلك عنه السيوطي، في "بغية الوعاة"، والخوانساري، في "روضات الجنات".

وهذا الذي أجمله الصفدي، فصَّله ابن رجب، في نَقْله عن ابن مكْتُوم قوله: "واشتهر عنه الرفض، والوقوع في أبي بكر وابنته عائشة، - رضي الله عنهما -، وفي غيرهما من جملة الصحابة، - رضي الله عنهم -، وظهر له في هذا المعنى أشعارٌ بخطه، نقلها عنه بعض من كان يصحبه، ويُظْهِر موافقةً له، منها قوله:

كَمْ بَينْ مَن شُكَّ في خلافتِه ... وبَيْن مَن قِيل إنه الله

فرُفع أمرُ ذلك الى قاضي الحنابلة سعد الدين الحارثي، وقامت عليه بذلك البّيِّنةُ، فتقدَّم الى بعض نوابه بضربه وتعزيره وإشهاره، وطِيف به، ونُوِديَ عليه بذلك، وصُرف عن جميع ما كان من من المدارس، وحُبِس أيَّاماً ثم أُطْلِق، فخرج من حينه مسافراً، فبلغ قوص من صعيد مصر ... ".

وقد شغلت هذه القضية ابنَ رجب، فزادها بياناً، حيث قال: "وكان مع ذلك كله شيعياً، منحرفاً في الإعتقاد عن السنة، حتى إنه قال عن نفسه:

حنبليٌّ رافضِيٌّ ظاهِري ... أشْعريٌّ إنها إحْدَى الكُبَرْ (١)

ووُجِد له في الرفض قصائد، وهو يَلوحُ في كثير من تصانيفه، حتى إنه صنَّف كتاباً سماه "العذاب الواصب على أرواح النواصب".


(١) هذه هي رواية البيت عند ابن حجر، في الدرر الكامنة ٢/ ٢٥١، ورواية ذيل طبقات الحنابلة للبيت مضطربة:
حنبلي رافضي أشعري ... هذه إحدى العبر