للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا كان النبل والعقل والعفة سمة هذا الغلام من أول نشأته، حتى تَفَرَّس فيه أهل زمانه مستقبلًا متميزًا على أبناء جيله، فقال الحافظ الهيثم بن جميل الأنطاكي: إن عاش هذا الفتى فسيكون حجة على أهل زمانه (١).

وكان جادا في الطلب نشيطًا حريصًا، وريما كان يريد البكور في الحديث فتأخذ أمه بثيابه، وتقول: حتى يؤذن الناس، أو حتى يصبحوا (٢).

وكانت والدته رحمها الله تحوطه بالعناية وتغذوه بالرعاية في ظل الباقي من أسرته، وكان وحبدها.

وكان عيشهما من غلة ميراث تركه له والده. قال ابن الجوزي: كان أحمد - رضي الله عنه - قد خلف له أبوه طِرزًا ودارًا يسكنها، وكان يكري تلك الطِّرز ويتعفف بكرائها عن الناس (٣).

* * *


(١) تقدمة الجرح والتعديل، لإبن أبي حاتم، ص ٢٩٥.
(٢) المنهج الأحمد، للعليمي ١/ ٧٢. تحقيق محمود الأرناؤوط.
(٣) مناقب الإمام أحمد، ص ٣٠٦ .. والطرز، قال في "اللسان": هو بيت إلى الطول، فارسي، وقيل: هو البيت الصيفي. قال الأزهري: أراه معربًا، وأصله تِرْز، وقيل: هو الموضع الذي تنسج فيه الثياب.