للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعتبر "مختصر الخرقي" خاليًا من اختلاف الرواية عن الإمام أحمد، مما يدل على أنه بناه على رواية واحدة، وهي الرواية الراجحة في نظره، ويلزم على ذلك أن يكون الخرقي سلك مسلك الترجيح والإختيار في المذهب الحنبلي. ونجده يشير إلى الرواية المرجوحة أحيانًا، بصيغة التضيعف، كما في "باب أجَل العنِّين والخَصِي غير المجبوب" من كتاب النكاح، فقد قال في الأخير: وقد رُوي عن أبي عبد الله -رَحِمَهُ اللهُ- قول آخر: إن القول قوله مع يمينه (١).

• عناية الحنابلة بمختصر الخرقي:

كُتب لهذا المختصر -على صغر حجمه- من القبول والعناية، ما لم يكتب لغير ٥ من المصنفات، فكان الأقدمون يحفظون مسائله كما يحفظون السورة من القرآن، ثم تناولوه بالشروح والتعليقات المطولة والمختصرة تارة، وبالنظم لمسائله تارة أخرى، ويضم بعض الكتب إليه تارة ثالثة، وتلك فنون من الأعمال العلمية تعزب عن الحدّ، وتتجافى عن الحصر والعدّ. قال ابن عبد الهادي:

"قال شيخنا عز الدين المصري؛ إنه ضبط له ثلاث مئة شرح، وقد اطلعنا له على قريب العشرين شرحًا، وسمعنا من شيوخنا وغيرهم: أن من قرأه حصل له أحد ثلاث خصال: إما أن يملك مئة دينار، أو يلي القضاء، أو يصير صالحًا" (٢).

• فمن شروحه:.

١ - شرح المختصر، لمصنِّفه، وسيأتي.

٢ - شرح الخرقي، لأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان المعروف بـ "ابن شَاقْلا" (ت ٣٦٩ هـ).


(١) مختصر الخرقي ص ١٠٥، ط. الصحابة، طنطا.
(٢) الدر النقي في شرح الفاظ الخرقي ص ٨٧٣. ولا تلازم بين قراءة "مختصر الخرقي" وحصول واحدة من الخصال الثلاث المذكورة، وهذا الكلام من المبالغة التي يحسن بالعلماء تجنبها.