للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة في الفقه، والسنة في العقيدة، وكان قد صنف في ذلك كتاب "الرسالة" و"جماع العلم" و "إبطال الإستحسان" وغير ذلك من الكتب.

قال الخطيب البغدادي:

قدم الشافعي بغداد، وكان في المسجد إما نيف وأريعون أو خمسون حلقة، فلما دخل بغداد ما زال يقعد في حلقة حلقة، ويقول لهم: قال الله، قال الرسول، وهم يقولون: قال أصحابنا، حتى ما بقي في المسجد أحد غيره (١).

وقال الزعفراني:

حج بشر المريسي سنةً إلى مكة، ثم قدم، فقال: لقد رأيت بالحجاز رجلًا ما رأيت مثله سائلًا ولا مجيبًا، يعني الشافعي، قال: فقدم الشافعي علينا بعد ذلك بغداد، فاجتمع إليه الناس، وخَفُّوا عن بشر، فجئت إلى بشر يومًا فقلت: هذا الشافعي الذي كنت تزعم، قد قدم، فقال: إنه تغير عما كان عليه. قال الزعفراني: فما كان مثله إلا مثل اليهود في أمر عبد الله بن سلام حيث قالوا: سيدنا وابن سيدنا، فقال لهم: فإن أسلم؟ قالوا: شرنا وابن شرنا (٢).

وبشر المريسي هذا هو الداعية إلى بدعة خلق القرآن في بغداد آنذاك. وكان الشافعي يشدد على المتكلمين لما رأى من بدعهم وقولهم في الله وصفاته بغير علم، ومما يوثر عنه في ذلك قوله: حكمي في أهل الكلام أن يضرلوا بالجريد ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر، ينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام (٣).

أقبل أحمد على الشافعي يأخذ منه ما ليس عنده، فسمع منه "الموطأ" بعد أن كان سمعه من جماعة، وقال: إني رأيته فيه ثبتًا (٤). وكان يدل إسحاق بن راهويه عليه ويحضه على مجلسه، فيقول له: تعال أذهب بك إلى رجل لم تر عيناك مثله، فذهب به إلى الشافعي.


(١) نقله ابن عبد الهادي في "مناقب الأئمة الأربعة" ص ١٢٤، والمزي في "تهذيب الكمال" (٢٤/ ٣٧٥).
(٢) المصدرين السابقين في مواضع مقارية.
(٣) السير ١٠/ ٢٩.
(٤) بيان خطأ من أخطأ على الشافعي، للبيهقي، ص ٩٩، والسير ١٠/ ٥٩، ومناقب الأئمة الأربعة، ص ١١٨.