للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عبد الله الحسن بن حامد (٤٠٣ هـ): وقد رأيت بعض من يزعم أنه منتسب إلى الفقه يُلَيِّن القول في كتاب إسحاق بن منصور، ويقول: إنه يقال: إن أبا عبد الله رجع عنه، وهذا قول من لا ثقة له بالمذهب، إذ لا أعلم أن أحدًا من أصحابنا قال بما ذكره، ولا أشار إليه (١).

ولماذا كان الإمام المبجل يكره الإشتغال بكتب الرأي ويتدوين مسائله وفتاويه وأقواله؟ هل هو مجرد التواضع لله سبحانه كما قال ابن الجوزي؟ أو هو شيء آخر بالإضافة إلى ذلك؟ فلو كان التواضع فقط لما كان هناك من داع إلى كراهته الإشتغال بما كتبه غيره، فالظاهر أنه -رَحِمَهُ اللهُ- كان يريد أن يرد الناس إلى السنة والأثر الذي رأى أنه قد ضاع في بغداد بين الفقهاء والمتكلمين، وأن الناس أقبلت على أقوال الناس ومؤلفاتهم في الفقه والإجتهاد؛ تحفظها وترويها كما تحفظ الحديث وترويه، فكان الواجب يقتضيه أن يحث الناس على حفظ الحديث والعناية به بقدرما كان غيره يحث على النظر والتفريع والبحث.

والذي يؤيد هذا ما رواه عنه ابنه عبد الله في "مسائله" أنه لما ذكر وضع الكتب عنده قال: أكرهها، هذا أبو حنيفة وضع كتابًا، فجاء أبو يوسف فوضع كتابًا، وجاء محمد بن الحسن فوضع كتابًا، فهذا لا انقضاء له، كل ما جاء رجل وضع كتابًا، وهذا مالك وضع كتابًا، وجاء الشافعي أيضًا، وجاء هذا، يعني أبا ثور، وهذه الكتب وضعها بدعة، كلَّ ما جاء رجل وضع كتابًا وترك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (٢).


(١) الطبقات ٢/ ١٧٤.
(٢) المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد بن حنبل، للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ١/ ٣٥١. ط. دار العاصمة، ١٩٩٧.