للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إمامنا أحمد، فقد أخذ مقيدًا في الأغلال بعدما مات رفيقه محمد بن نوح بالطريق، فحبس في قرية قرب بغداد، اسمها "الياسرية"، فمكث أيامًا، ثم حبس بدار اكتريت له ببغداد، ثم حول إلى السجن العام، فبقي هناك ٢٨ شهرًا (١) من جمادى الآخرة سنة ٢١٨ هـ إلى رمضان سنة ٢٢٠ هـ.

• حالة الإمام أحمد في السجن:

كان الإمام أحمد يعيش حياة السجناء في ذلك الوقت، وكان السجين يقيد في الأغلال طيلة فترة سجنه. فقال الإمام أحمد: كنت أصلي بأهل السجن وأنا مقيد. وكأن الله امتن عليهم بأحمد بن حنبل، كما امتن بيوسف عليه السلام على سجناء مصر، غير أن ذاك نبي، وهذا ولي.

وكان الناس يزورون السجناء بغير صعوبة (٢)، فكانت صلة الإمام أحمد بالناس مستمرة عبر هذه الزيارات، وكان الناس يعرفون قدره بعد أن تقررت له الفضائل وانعقدت له الإمامة في الدين.

وتذكر الروايات أن إسحاق بن إبراهيم كان يرسل إلى أحمد رجلين يناظرانه وهو في السجن، وتكرر ذلك يومين أو ثلاثة، فلما تنتهي المناظرة وتبوء بخيبتهم يشدد عليه الوثاق، فلما استيئسوا منه في اليوم الرابع حمل مكبلًا إلى مجلس المعتصم (٣).

• ملاحظات على مسيرة الأحداث:

يتلخص من مجموع ما تقدم في حوادث ما قبل الضرب بين يدي المعتصم ما يلي: أولًا: كان ابن أبي دواد لا يفارق المعتصم، وهو اليوم قاضي القضاة؛ أي المسؤول عن جميع الشؤون العدلية في الدولة، فكان هو اللسان الناطق باسم المعتصم في محاججة


(١) المناقب ص ٣٩٥، السير ١١/ ٢٤٢، البداية والنهاية ١٤/ ٣٩٨.
(٢) المناقب ص ٣٩٥.
(٣) المناقب ص ٣٩٧، السير ١١/ ٢٤٣، البداية والنهاية ١٤/ ٣٩٨.