للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمام أحمد (١)، وكان هو المحرض للمعتصم على تنفيذ أقسى عقوبة بحقه باعتبار أنه ضال مضل في نظر هذا الشقي!

ثانيًا: يبدو أن المعتصم لم يكن يعرف الإمام أحمد قبل مقابلته، بل وصف له وصفًا مخالفًا لما شاهده بعينه من سجيته وخلقته وسنه. فدل ذلك على أن رائد المحنة هو أحمد بن أبي دواد، وأن المعتصم صار عصا غليظة في يده، يضرب بها كيف يشاء.

ثالثًا: بعد مرور جزء من المقابلة حين أظهر الإمام أحمد للمعتصم عدم وجود مسوغ لهذه المحنة، اعتذر إليه بأنه لم يكن سببًا فيها، وأنه إنما يتابع من قبله (المأمون).

رابعًا: كان أحمد بن أبي دواد يحرض الخليفة باستمرار على النيل من الإمام أحمد، وكان المجلس مليئًا بالقضاة والفقهاء، ويبدو أنهم كانوا على رأي ابن أبي دواد.

خامسًا: تكررت المقابلة والمناظرة ثلاثة أيام، وفيها سمع الإمام أحمد ببعض المصطلحات الفلسفية والكلامية التي يلحن بها الخصم، ولم يكن يعرفها أحمد من قبل، وكان يُغَلب الكتاب والسنة ويلتمس العذر في قصر الحجاج عليهما، مما أعجز المعتزلة وأثار حفيظتهم.

سادسًا: كان المعتصم يظهر من حين الى آخر خوفه من التورط في الإساءة إلى الإمام أحمد، وأنه ظالم له، فيرده أحمد بن أبي دواد ويشد من أزره، وكذلك إسحاق بن إبراهيم.

• مرحلة التعذيب الجسدي:

صدر الأمر ببداية التعذيب من قبل المعتصم بعدما اشتط غضبه، وكانوا قبل ذلك يرجون منه التنازل، ولو بشيء قليل عن موقفه، خشية هذه المواجهة التي تبين أن المعتصم كان غير مقتنع بها في قرارة نفسه. وكان ابن أبي دواد يقول: يا أمير المؤمنين، والله لئن أجابك


(١) أشار الجاحظ إلى بعض تلك المساجلات في رسالته "خلق القرآن" وكان فيها رافعًا من شأن صاحبه، وحاطًا من شأن الإمام أحمد. والرسالة مطبوعة ضمن مجموع رسائله، نشرتها مكتبة الخانجي بمصر.