بحاره سرعان ما يرجع بعكس الصورة، فالكتاب فيه أدلة كثيرة، بل وتعليلات كثيرة، إلا أن المصنف لما لم يقصد إلى الإستدلال، بل قصد إلى جمع الفروع، كانت تلك الأدلة المقتضبة والتعليلات الموجزة، في جانب أمّ مقصوده، من نافلة العمل وكمالياته.
• أهمية الكتاب وتقريظه:
يعتبر "الفروع" من أعز ما زخرت به المكتبة الفقهية الحنبلية، ومن أتقن ما صُنف في الفقه الحنبلي المجرد، قل أن يوجد له نظير، فقد أجاد فيه إلى الغاية، وأورد فيه من الفروع الغريبة ما بهر به العلماء -كما قال الحافظ ابن حجر- كثرة وتحريراً، واعتنى بالخلاف والوفاق، فصارت فائدته متعدية إلى المستفيدين من أتباع المذاهب الأخرى، كما توجد فيه اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية.
يقول محقق المذهب العلامة المرداوي في مدح هذا الكتاب وبيان مزاياه:
"أما بعد، فإن كتاب "الفروع" تأليف الشيخ الإمام ... من أعظم ما صنف في فقه الإمام الرباني أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني -قدس الله روحه ونوَّر ضريحه- نفعاً، وأكثرها جمعاً، وأتمها تحريراً، وأحسنها تحبيراً، وأكملها تحقيقاً، وأقربها إلى الصواب طريقًا، وأعدلها تصحيحًا، وأقومها ترجيحًا، وأغزرها علماً، وأوسطها حجماً. وقد اجتهد في تحريره وتصحيحه، وشمر عن ساعده في تهذيبه، وتنقيحه، فحرر نُقُوله، وهذَّب أصوله، وصحح فيه المذهب، ووقع فيه على الكنز والمطلب ... إلى أن قال: إلا أنه -رَحِمَهُ اللهُ- لم يبيضه كله، ولم يُقرأ عليه، فحصل بسبب ذلك بعض خلل في مسائله"(١).اهـ.
• الأعمال التي تمت على الكتاب:
وُضعت على "الفروع" أعمال متنوعة، أكثرها تعليقات وتصحيحات واختصارات، من ذلك:
١ - حاشية لجمال الدين يوسف بن ماجد المرداوي (ت ٧٨٣ هـ). وتسمى
(١) تصحيح الفروع بهامش "الفروع" ١/ ٢٢. وقريب منه في "الإنصاف" ١/ ٢٣.