لقد كان هذا الإمام لا يرى الخوض في هذا البحث، خوفًا من أن يُتذرَّع به إلى القول بخلق القرآن، والكف عن هذا أولى. آمنا بالله تعالى، وبملائكته، ويكتبه، ورسله، وأقداره، والبعث، والعرض على الله يوم الدين.
ولو بُسط هذا السطر، وحُرر وقُرر بأدلته لجاء في خمس مجلدات، بل ذلك موجود مشروح لمن رامه، والقرآن فيه شفاء ورحمة للمؤمنين، ومعلوم أن التلفظ شيء من كسب القارئ غير الملفوظ، والقراءة غير الشيء المقروء، والتلاوة وحُسنها وتجويدها غير المتلو، وصوت القارئ من كسبه، فهو يحدث التلفظ والصوت والحركة والنطق وإخراج الكلمات من أدواته المخلوقة، ولم يحدث كلمات القرآن، ولا ترتيبه، ولا تأليفه، ولا معانيه.
فلقد أحسن الإمام أبو عبد الله حيث منع من الخوض في المسألة من الطرفين، إذ كل واحد من إطلاق الخلقية وعدمها على اللفظ موهم، ولم يأت به كتاب ولا سنة، بل الذي لا نرتاب فيه: أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. والله أعلم (١).