التَّحقيق والإنصاف، وجد ما قال حقًّا وافيًا بالمراد من غير خلاف، إلا أنه، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-، أطلق في بعض مسائله الخلافَ من غير ترجيح، فاشتبه على الناظر فيه الضَّعيفُ من الصحيح، فاحببت إن يَسّر الله تعالى، أن أبيِّن الصحيحَ من المذهب والمشهورَ، والمعمولَ عليه والمنصورَ، وما اعتمده أكثر
الأصحاب وذهبوا إليه، ولم يعرّجوا على غيره ولم يعوِّلوا عليه". ثم قال: " .. وربما تكون الرواية أو الوجه المسكوت عنه مقيدًا بقيد فأذكره .. ويكون في ذلك أيضًا تفصيل، فنبينه إن شاء الله تعالى". ثم قال: " .. وقد يكون الأصحاب اختلفوا في حكاية الخلاف، فمنهم من حكى وجهين، ومنهم من حكى روايتين، ومنهم من ذو الطريقتين، فأذكر ذلك إن شاء الله تعالى". ثم قال: " ... وأحشِّي على كل مسألة إن كان فيها خلاف واطلعت عليه، وأبيِّن ما يتعلق بمفهومها ومنطوقها، وأبيِّن الصحيح من المذهب من ذلك كله، فإنه المقصود والمطلوب من هذا التصنيف، وغيرُه داخلٌ تبعًا، وهذا هو الذي حداني إلى جمع هذا الكتاب لمسِّ الحاجة إليه، وهو في الحقيقة تصحيح
لكل ما في معناه -أي المقنع- من المختصرات". اهـ.
ويعتبر الكتاب غنيًا بالمعلومات المتعلقة بالمدخل إلى المذهب، بما بثَّه المؤلف في طرفيه من الكشف عن المصطلحات الدارجة في الكتب والمصنفات، وبيان صفة الروايات المنقولة عن الإمام أحمد رضي الله عنه، والأوجه والإحتمالات الواردة عن أصحابه. بالإضافة إلى تجريد أسماء الرواة للمسائل من الطبقة الأولى الذين ترجم لهم الخلال في كتابه "طبقات أصحاب الإمام أحمد".
وطريقة المرداوي في هذا الكتاب: أن يسوق المسألة من "المقنع" ثم يتلوها بتفصيل النقل في المذهب وبيان الإختلاف في حكايته، عازيًا ذلك كلَّه إلى المصادر التي ذوته. ثم يُحقق ما هو الراجح بقوله: "هو المذهب" أو: "عليه جماهير الأصحاب" أو نحو ذلك من عبارات التحقيق. ولا يتكفَّل، بل يؤيد قوله بذكر المصادر التي قرَّرت به. وقد بين في المقدمة أسماء الكتب التي