تميزت بذكر الصحيح والمشهور والراجح، ثم أوضح منهجه في ترتيب تلك الكتب لدى مسألك الترجيح وطرق التصحيح.
وبالجملة فإن كتاب "الإنصاف" متعدد الفوائد، وتبرز قيمته في تلك الوجوه المتعددة التي تميزه عن غيره، والتي منها:
أولًا: أنه استوعب من الروايات والوجوه في المذهب ما أعجز غيره أن يأتي بمثله.
ثانيًا: أنه يعتبر مصدرًا من أجمع المصادر في معرفة الكتب المؤلَّفة في المذهب، بما أثبت فيه من المتون والشروح والحواشي والأنظام والفتاوى والمصنفات المفردة، ذكر كثيرًا منها في المقدمة، وذكر الباقي منها في مواضع متفرقة من الكتاب.
ثالثًا: خرّج مفردات المذهب، ومسائل الألغاز، وعدة فوائد وتنبيهات وشَّى بها خواتم كثير من المسائل.
رابعًا: يعتبر مصدرًا من مصادر معرفة اختيارات الأصحاب، كغلام الخلال، والقاضي أبي يعلى، وأبي الخطاب، وابن عقيل، وابن أبي موسى، وأضرابهم.
ومنذ تصنيف هذا الكتاب أصبح الناس لا يقرؤون "المقنع" إلا مع "الإنصاف"، أو على الأقل مع مختصره "التنقيح"، ثم لم يلبث متأخرة المصنفين أن جمعوا بينهما في قَرَن واحد، كالشويكي والعسكري وابن النجار وغيرهما.
ومما قُرِّظ به كتاب "الإنصاف" قول العليمي فيه: "وهو من كتب الإسلام، فإنه سلك فيه مسلكًا لم يسبق إليه؛ بيَّن فيه الصحيح من المذهب، وأطال فيه الكلام، وذو في كل مسألة ما نقل منها من الكتب وكلام الأصحاب، فهو دليل على تبحر مصنفه، وسعة علمه، وقوة فهمه، وكثرة اطلاعه"(١). اهـ.