نعم، من روى: "فإني أدخلتهما وهما طاهرتان"؛ فقد يتمسك برواية هذا القائل من حيث إن قوله: "أدخلتهما" إذا اقتضى كلَّ واحدة منهما؛ فقوله: "وهما طاهرتان" حال من كل واحدة منهما، فيصير التقدير: أدخلت كل واحدة في حال طهارتها، وذلك إنما يكون بكمال الطهارة. وهذا الاستدلال بهذه الرواية من هذا الوجه قد لا يتأتَّى في رواية مَنْ روى: "أدخلتُهما طاهرتين". وعلى كل حال؛ فليس الاستدلال بذلك القوي جدًّا لاحتمال الوجه الآخر في الروايتين معًا، اللهم إلا أن يُضمَّ إلى هذا دليل يدل على أنه لا يحصل الطهارة لإحداهما إلا بكمال الطهارة في جميع الأعضاء؛ فحينئذ يكون ذلك الدليل -مع هذا الحديث- مستندًا لقول القائلين بعدم الجواز -أعني: أن يكون المجموع هو المستند-؛ فيكون هذا الحديث دليلًا على اشتراط طهارة كل واحدة منهما، ويكون ذلك الدليل دالًّا على أنها لا تطهر إلا بكمال الطهارة". وقال الماوردي في "الحاوي الكبير" (١/ ٤٤١) بعد أن أورده بلفظ: "إن أدخلتهما وهما طاهرتان": "فجعل اللبس بعد طهرهما شرطًا في جواز المسح عليهما، ولأنه لبس قبل كمال الطهارة؛ فوجب أن يمنع من جواز المسح قياسًا على لبسه قبل غسل قدميه، ولأن لبس الخفين يفتقر إلى الطهارة، وما كان إلى الطهارة مفتقرًا كان تقديمها على جميعه لازمًا؛ كالصلاة، يلزم تقديم الطهارة على جميع الركعات، ولأن المستباح بسبب لا يجوز تقديمه على السفر والمرض، ولأن المسح مستباح لشرطين: اللبس، والحدث؛ فما لزم تقديم الطهارة على الحدث لزم تقديمها على اللبس، لأن كل واحد منهما شرط في جواز المسح، ولأن حكم أحد الخفين مرتبط بالآخر، ألا ترى أنه لو نزع أحد الخفين اننقض مسحه كما لو نزع جميع الخفين؟! فوجب إذا لبس أحد الخفين قبل كمال الطهارة أن لا يكون حكمه حكم من لبس جميع الخفين؟ ". وقد أيد بعضهم القول به بلفظ حديث أبي بكرة رفعه: "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- رخص للمسافر ثلاثة =