للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(القاعدة السابعة عشرة) (١)

إذا تقابل عملان: أحدهما ذو شرف في نفسه ورفعة وهو واحد، والآخر ذو تعدد في نفسه وكثرة؛ فأيهما يرجح؟

ظاهر كلام أحمد ترجيح الكثرة، ولذلك صور (٢):


(١) في (أ): "قاعدة ١٧" هكذا.
(٢) إذا وجد عملان، أحدهما أكثر، والثاني أفضل، وتعارضا في الكمية والكيفية؛ فأيُّهما نُقدِّم، الكمية أو الكيفية؟
مثاله: رجل عنده عبد كاتب حاسب عالم جيد، وعنده عبدان، لكنهما جاهلان؛ فهل الأفضل أن يعتق العبد، أو أن يعتق العبدين؟
فإن قلنا باعتبار الكيفية؛ فالأفضل أن يعتق العبد، وإن قلنا باعتبار الكمية؛ فصار الأفضل أن يعتق العبدين، وكذلك في الصلاة؛ هل الأفضل أن يصلي ركعتين يطيل فيهما القراءة والذكر والدعاء، أو الأفضل أن يصلي أربع ركعات لكنها خفيفة؟ (ع).
قلت: ذكر ابن القيم في "بدائع الفوائد" (٣/ ١٦٣ - ١٦٤) قواعد علمية متينة للمفاضلات، قال رحمه اللَّه تعالى: "فعلى المتكلم في هذا الباب أن يعرف أسباب الفضل أولًا، ثم درجاتها ونسبة بعضها إلى بعض والموازنة بينها ثانيًا، ثم نسبتها إلى من قامت به ثالثًا كثرة وقوة، ثم اعتبار تفاوتها بتفاوت محلها رابعًا؛ فرب صفة هي كمال لشخص وليست كمالًا لغيره، بل كمال غيره بسواها؛ فكمال خالد ابن الوليد بشجاعته وحروبه، وكمال ابن عباس بفقهه وعلمه، وكمال أبي ذر بزهده وتجرده عن الدنيا؛ فهذه أربع مقامات يضطر إليها المتكلم في درجات التفضيل، وتفضيل الأنواع على الأنواع أسهل من تفضيل الأشخاص على الأشخاص وأبعد من الهوى والغرض، وها هنا نكتة خفية لا ينتبه لها الا من بصره اللَّه، =