للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ومسح برأسه، وغسل إحدى رجليه؛ فقد طهرت رجله التى غسلها، فإذا أدخلها الخف؛ فقد أدخلها وهي طاهرة، ثم إذا غسل الأخرى من ساعته وأدخلها الخف؛ فقد أدخلها وهي طاهرة، فقد أدخل من هذه صِفتُهُ رجليه الخف وهما طاهرتان؛ فله أن يمسح عليهما بظاهر الخير؛ لأنه قد أدخل قدميه وهما طاهرتان، قال: والقائل بخلاف هذا القول قائل بخلاف الحديث، وليس لِخَلْعِ هذا خُفَّيه ثم لُبْسِهما معنى".
قلت: يعني: من غسل إحدى رجليه ولبس الخف، ثم غسل الأخرى ولبس الخف؛ فعند القائين باشتراط إدخال الرجلين بعد غسلهما من الخف، يقول: بأن من فعل هذا لو خلع خف اليمنى بعد وضوئه ثم لبسها يكون قد أدخلهما معًا على طهارة؛ فجائز له حينئذ المسح! إذ لا فائدة في نزع الأول ثم لبسه؛ استدلالًا بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن"، ولم يفرق، ولأنه حدث طرأ على طهارة ولبس، فجاز له المسح قياسًا عليه إذا لبسهما بعد كمال الغسل.
ولأن نزع الخفين مؤثر في المنع من المسح؛ فلم يجز أن يكون شرطًا في جواز المسح.
ولأن استدامة اللبس تجري مجرى ابتدائه، بدليل ما لوحلف لا يلبس خفًّا هو لابسه حنث؛ كما لو ابتدأ لبسه؛ فصار استدامة لبسه في حكم من ابتدأ لبسه في جواز مسحه.
وهذا الذي رجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية، قال في "الاختيارات" (ص ١٤): "ومن غسل إحدى رجليه ثم أدخلهما الخُفَّ قبل غسل الأخرى؛ فإنه يجوز له المسح عليهما من غير اشتراط خلع، ولُبسه قبل إكمال الطهارة كلُبسه بعدها، وكذا لُبْسُ العمامة قبل إكمال الطهارة، وهو إحدى الروايتين [عن أحمد]، وهو مذهب أبي حنيفة".
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (٣/ ٣٧٠ - ط طه عبد الرؤوف سعد): "إذا توضأ ولبس إحدى خفيه قبل غسل رجله الأخرى، ثم غسل رجله الأخرى وأدخلها في الخف؛ جاز له المسح على أصح القولين، وفي قول آخر: أنه لا يجوز لأنه لم يلبس الأولى على طهارة كاملة، فالحيلة في جواز المسح أن ينزع خف الرجل الأولى ثم يلبسه، وهذا نوع عبث لا غرض للشارع فيه, ولا مصلحة للمكلف؛ فالشرع لا يأمره به".