للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تستخلف شيئًا فشيئًا حكمه حكم المنافع؛ فيجوز استيفاؤها بعقد الإجارة كما [تستوفى بالوقف] (١) والوصية (٢).

* * *


= وانظر: "القواعد النورانية" (ص ١٤٩) لشيخ الإسلام ابن تيمية.
(١) كذا في نسخة (ج)، وفي المطبوع و (ب): "يستوفى بالوقف"، وفي (أ): "يستوفى الوقف".
(٢) الإجارة عقد على منفعة، ولا يجوز أن تكون على الأعيان إلا ما استثني للحاجة؛ كالظئر (أي كالمرأة المرضعة)؛ فإنه يجوز أن تستأجر امرأة ترضع ولدك مع أن المعقود عليه لبن المرأة، واللبن عين والإجارة لا تكون على الأعيان؛ فقالوا: هذا مستثنى للضرورة؛ لأن جواز استئجار المرأة للبّن منصوص عليه في القرآن بقوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦]، لكن ماذا قال بعض العلماء في الجواب على ذلك؟ قالوا: إن عقد الإجارة في الظئر ليس على اللبن، وإنما هو على نقل الطفل ووضعه على اليد وإلقامه الثدي ونحو ذلك، وهذه منافع، ولكن يقال في رد ذلك: أنه لو كان صحيحًا لأجزأ أن يؤتى بامرأة ليس فيها لبن، وهذا غير مراد، بل العقد قام على اللبن، ومبنى كلامهم هذا أنهم اعتقدوا قبل أن يستدلوا، فلما اعتقدوا أن الإجارة لا تكون الا على المنافع في جميع الصور؛ قالوا ما قالوا في هذه الصورة.
وقد رد شيخ الإسلام على هؤلاء بأن الأعيان التي تحدث شيئًا فشيئًا، كالمنافع واللبن يحدث شيئًا فشيئًا فيكون كالمنفعة؛ فيجوز عقد الإجارة عليه، مثل ما تستوفي هذه المنافع في الوقف والوصية مع أنك في الوقف لا تملك عين الوقف، وإنما تملك الاستغلال، والوقف قد يكون ثمرًا يؤكل، ولكنه لما كان يحدث شيئًا فشيئًا صار كالمنفعة، وبناءً على ذلك قال شيخ الإسلام: "يجوز للإنسان أن يستأجر دابة لمدة أسبوع للبنها مثلًا"، والمذهب يمنع ذلك. (ع).