وفائدة كتابنا هذا جليلة، فما حواه من القواعد كثيرة العدد، عظيمة المدد، وكاد أن يستوعب مسائل الفقه جميعًا في تخريجها عليها، فيحصّل الناظرُ فيه تفصيلًا بديعًا للمسائل مع ذكر قواعدها "وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرف، وتتضح مناهج الفتوى وتكشف"(١).
وتظهر قيمة هذا الكتاب من اعتماد كثير من العلماء المحققين لنقولاته، فكتاب "الإنصاف" -مثلًا- للمرداوي مُسْتودَعٌ لكتاب "القواعد"، وذكر المرداوي في "مقدمته"(١/ ١٧) عند ذكره الاختلاف بين الأصحاب في مسائل متجاذبة المآخذ، قال:
"فالاعتماد في معرفة المذهب من ذلك على ما قاله المصنف، والمجد، والشارح، وصاحب الفروع، والقواعد الفقهية، والوجيز. . . ".
وقال (١/ ١٧): "فإن اختلفوا، فالمذهب: ما قدمه صاحب "الفروع" فيه في معظم مسائله، فإن أطلق الخلاف، أو كان من غير المعظم الذي قدّمه، فالمذهب: ما اتفق عليه الشيخان -أعني: المصنف والمجد- أو وافق أحدهما الآخر في أحد اختياريه، وهذا ليس على إطلاقه، وإنما هو في الغالب، فإن اختلفا فالمذهب مع من وافقه صاحب "القواعد الفقهية" أو الشيخ تقي الدين. . . ".
ثم قال:"فإن لم يكن لهما -أي: الموفق والمجد- ولا لأحدهما في ذلك تصحيح، فصاحب القواعد الفقهية. . . ".
قال:"وهذا الذي قلنا من جث الجملة، وفي الغالب، وإلا فهذا لا يطرد ألبتة".