للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روايتين (١)، واختار الشيخ تقي الدين (٢): أنه لا يفطر بالنزع في هذه الحالة ولا بالأكل ولا بغيره بناءً على أنه إنما يتعلق به حكم وجوب الإِمساك عن المفطرات بعد العلم بطلوع الفجر؛ فلا يكون الواقع منها في حالة الطلوع مُحَرَّمًا ألبتة، كما قلنا في محظورات الإحرام: إنها إنما تثبت بعد التلبس به، وقد روي عن أحمد ما يدل على ذلك، فإنه قال: إذا شك في طلوع الفجر؛ فإنه يأكل حتى لا يشك أنه طلع (٣)، وفي المسألة أحاديث وآثار كثيرة (٤) تدل


(١) انظر المسألة بتوسع في: "الفنون" (١/ ١٤٧ - ١٥٠، ١٥٦) لابن عقيل.
(٢) قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (١٦/ ٢٢): "وكذلك الذين يقولون: إذا طلع عليه الفجر وهو مولج؛ فقد جامع، لهم في النزع قولان في مذهب أحمد وغيره، وأما على ما نصرناه؛ فلا يحتاج إلى شيء من هذه المسائل. . . وما فعله الناس في حال التبين من أكل وجماع؛ فلا بأس به، لقوله: "حتى"".
ورجح في "المجموع" أيضًا (٢٥/ ٢٦٣) فيمن جامع امرأته وقت طلوع الفجر معتقدًا بقاء الليل، ثم تبين أن الفجر قد طلع: أنه لا قضاء عليه ولا كفارة، ونسبه إلى طوائف من السلف، كسعيد بن جبير ومجاهد والحسن وإسحاق وغيرهم، وقال: "وهذا أصح الأقوال، وأشبهها بأصول الشريعة، ودلالة الكتاب والسنة، وهو قياس أصول أحمد وغيره. . ."، فراجعه.
(٣) في "مسائل أبي داود" (ص ٩٣، باب من شك في الفجر أو أفطر وهو يُرى أنه أمسى)؛ قال: "سمعت أحمد سئل عمن شك في الفجر؟ قال: يأكل حتى يستقين".
(٤) قلت: ودلّ على ذلك قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ. . .} [البقرة: ١٨٧].
قال ابن حجر في "الفتح" (٤/ ١٣٥): "ولو أكل ظانًّا أنّ الفجر لم يطلع؛ لم يفسد صومه عند الجمهور؛ لأنّ الآية دلت على الإباحة إلى أن يحصل التبيين".
قلت: أخرج عبد الرزاق في "المصنف" (٤/ ١٧٧/ رقم ٧٣٨٩)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ٢٣، ٢٤)، وسعيد بن منصور في "التفسير" (رقم ٢٧٨ - ط الشيخ =