للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناس بمقالات من أخطأ في مقالاته، فلا ريب أنَّه مثاب على قصده، ودخل بفعله هذا بهذه النِّيَّة في النُّصح للَّه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم. . . وأما مراد الراد بذلك إظهار عيب من رد عليه وتنقصه وتبيين جهله وقصوره في العلم ونحو ذلك كان محرمًا سواء كان رده لذلك في وجه من رد عليه أو في كتابه، وسواء كان في حياته أو بعد موته، وهذا داخل فيما ذمه اللَّه تعالى في كتابه وتوعد عليه في الهمز واللمز ودخل أيضًا في قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عوراتهم يتبع اللَّه عورته، ومن يتبع اللَّه عورته يفضحه ولو في جوف بيته" (١).

وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين، فأما أهل البدع والضلالة ومن تشبه بالعلماء، وليس منهم، فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيرًا من الاقتداء بهم، ومن عرف منه أنَّه أراد برده على العلماء النصيحة للَّه ورسوله فإنه يجب أن يعامل بالإكرام والاحترام والتعظيم كسائر أئمة المسلمين. . . ومن تبعهم بإحسان، ومن عرف أنَّه أراد برده عليهم التنغيص والذم، وإظهار العيب، فإنه يستحق أن يقابل بالعقوبة ليرتدع هو ونظرإؤه عن هذه الرذائل المحرمة (٢).

وهذا كله يدل على حرصه رحمه اللَّه تعالى على التمسك بالكتاب والسنة والاعتصام بهما.


(١) أخرجه أحمد في "المسند" (٤/ ٤٣٠، ٤٢٤) وأبو داود في "السنن" (رقم ٤٨٨٥) والروياني في "المسند" (رقم ١٣١٢) وأبو يعلى في "المسند" (١٣/ ٤١٩) والطبراني في "التكبير" (١١/ ١٨٦) والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٤٧)، وقال الهيثمي في "المجمع" (٨/ ٩٤): "رواه الطبراني ورجاله ثقات" وانظر "علل الدارقطني" (٦/ ٣٠٩).
(٢) "الفرق بين النصيحة والتعيير" (ص ٣٢ - ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>