للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عقيل في "فنونه": لا يحكم بذكاته إلا بعد الانفصال (١)، وظاهر كلام أحمد خلافه؛ فإنه قال: هو ركن من أركانها، وفرق بين الجنين والولد المنفصل: بأن الجنين فيه غرة، والولد فيه الدية؛ فعلم أنه ليس له حكم الأولاد، وهذا يرجح أنه جزء من الأم، وأن تذكيته تابع لتذكيتها، وأما إن قيل بأنه (٢) ولد مستقل؛ ففيه نظر، وقد ينبني على ذلك أنه هل [تجب] (٣) إراقة دمه إذا خرج أم لا؟

وكلام أحمد في ذلك يدل على روايتين، وأكثر النصوص عنه تدل (٤) على الاستحباب فقط، وفي بعضها ما يشعر بالوجوب، وهذا ينزع (٥) إلى أنه ولد مستقل، لكن عفى عن موته بغير تذكية لاتصاله بأمه عند تذكيتها،


(١) ونصه في "الفنون" (١/ ١٦٤ - ١٦٥/ ١٦٧) في رده على حنفي، قال: "له حياة تخصُّه، فلِمَ يتبع غيره في الذكاة؟ قال: لكنه لا يمل بالحياة التي تخصه؛ لأنه مستمد لقوى الحياة من الأم؛ فهو كالعضو، ولذلك يستقل بالعتق، ويتبع، ويقل بالإيصاء به، ومع ذلك يتبع، ولأنه ذو حياة لا يقدر على حلقه ولبّتِهِ، والذكاة بحسب القدرة موسعة، بدليل أنه أقيم الطرف منها الذي بمكان التوجيه مقام الحلق واللبّة في غير المقدور عليه، وهذا دأب الذكاة إذا توحَّش الأهلي؛ صار في حكم الوحشي، وإذا كان الرأس محنيًا، عُقر الحيوان في غيره، فإذا كانت جملة الجنين خافية كامة، وكان مستورًا بكمية من حلقة الأصل، والشرع نسخ بإتلاف المال على أربابه؛ حتى إنه أمر باستصلاح الجلود المية بأخذ ما حول الفأرة الميتة في السمن وتخليل الخمر, كل ذلك للمال واستصلاحًا، ثمّ لما وجدناه أباح ذبح الأم مع العلم بأنه لا بقاء للجنين بعد أمه؛ علم أنه أباح الجنين" اهـ.
(٢) في (أ): "أنه".
(٣) في (أ) و (ب) بدون تنقيط الحرف الأول، وفي المطبوع: "يجب فيه".
(٤) في المطبوع: "يدل"، وفي (أ) و (ب) بدون تنقيط.
(٥) في (ج): "يرجع".