للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الحق الذي لا يجوز أن يقال بغيره، وإن خالف فيه من خالف من الصحابة ومن بعدهم، فسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع ويترك ما خالفها لأجلها، ولا تترك هي لأجل قول أحد كائنًا من كان، ولو تركت السنن لخلاف من خالفها لعدم بلوغها له، أو لتأويلها، أو غير ذلك؛ لتُرك سنن كثيرة جدًا وتركت الحجة إلى غيرها، وقولُ من يجب اتباعه إلى قول من لا يجب اتباعه، وقولُ المعصوم إلى قول غير المعصوم، وهذه بلية؛ نسأل الله العافية منها، وأن لا نلقاه بها يوم القيامة ا. هـ (١)، ولكن قد نسب إلى الجمهور القول بجواز اتفاق علماء العصر على حكم معين بعد اختلافهم في ذلك الحكم؛ لأنه واقع من جميع أهل العصر الذين يصنف مخالفهم متبعًا غير سبيل المؤمنين، والوقوع دليل الجواز، وإذا جاز وقوعه استلزم حجيته من عموم الأدلة، كما أجمعت الأمة على خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - بعد الاختلاف.

ولا يكون الفحل أبًا بالإجماع؛ إذا قبَّل امرأةً، أو باشرها، ثم درَّت اللبن. (٢)

وهذه المسألة مبنية على مسائل أخرى، منها: الإجماع؛ هل يختص بالصدر الأول؟ وهل يختص حكم الإجماع في عصر دون عصر؟ وهل يرتفع الخلاف المتقدم؟ وهل ينقرض القول بموت صاحبه؟

فمن رام قدحًا في الإجماع بعد الاختلاف، فربما تداعى ذلك إلى أصل الاحتجاج بالإجماع (٣).

وهذا يقودنا إلى مسألة لصيقة، وهي: هل يحرم من الرضاع ما يحرم من الصهر والجمع؛ كأم الزوجة من الرضاع، وبنت امرأته من الرضاع مما نزل بوطء زوج غيره، وامرأة الابن من الرضاع، والجمع بين الأختين من الرضاعة، وبين المرأة وعمتها من الرضاعة، وبينها وبين خالتها من الرضاعة؟


(١) ابن القيم: المصدر السابق (٥/ ٥٦٤).
(٢) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٠).
(٣) ينظر: الجصاص: الفصول (٣/ ٢٧٣، ٣١١). محمد الأمين الشنقيطي: المصدر السابق، (ص ١٤٩). الجويني: التلخيص (٣/ ٥٣ - ٥٤، ٧٩ - وما بعدها). أ. د. النملة: المهذب (٢/ ٩٢٣ - ٩٢٤). البطي: روايات الإمام أحمد الأصولية (٢/ ٥٦٥ - ٥٦٧).

<<  <   >  >>