للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من لم ير في لبن الفحل ما ينشر المحرمية إليه؛ أصولًا، وفروعًا، وحواشي؛ فمن باب أولى أن لا يحرموا على زوج المرضع امرأة الرضيع، ولا على الرضيع امرأة الفحل (١)، وسائر ما يحرم بالمصاهرة.

وأما من قال بتحريم لبن الفحل، فقد حرم نظير المصاهرة بالرضاع، وهو ما اشتهر بين الأئمة الأربعة وأتباعهم (٢)، حتى حكى ابنُ حزم الاتفاقَ على "أن أم الزوجة من الرضاعة بمنزلتها من الولادة، وأن ابنتها من الرضاعة كابنتها من الولادة، ولا فرق" (٣)، والقرطبيُّ الإجماعَ على حرمة حليلة الابن من الرضاع، ونص على أن مستند الإجماع في ذلك هو الخبر المرفوع: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (٤)، ولم أرَ من خالف ذلك ممن قال بتحريم لبن الفحل؛ إلا ما كان من تقي الدين ابن تيمية حين توقف، وقال: إن كان قد قال أحد بعدم التحريم؛ فهو أقوى ا. هـ (٥)، والواقع أن الفقهاء لم يذكروا في هذا قولًا آخر؛ بل حكوا عدم علمهم بالخلاف (٦)؛ لكن نسب المرداوي إلى تقي الدين أنه لا يحرِّم من الرضاع ما يحرُم من المصاهرة، وأردفها بفتوى للإمام أحمد من رواية ابن بدينا يقرر فيها التحريم بالرضاع نظير المصاهرة (٧).

وقد كانت أدلة الجماهير إلى ما ذهبوا إليه ما يأتي:

١ - إن تحريم هذا داخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب" (٨)؛ لأنه أجرى الرضاعة مجرى النسب، وشبَّهها به؛ فثبت تنزيل ولد الرضاعة


(١) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق (٥/ ٥٦١).
(٢) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٦). القرافي: الذخيرة (٤/ ٢٧٩، ٢٨١، ٢٨٢). الحطاب: المصدر السابق، (٤/ ٥٧٦، ٥٧٧). الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٦٦ - ٦٨). النووي: المصدر السابق، (٧/ ١١٠ - ١١١). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٠/ ٢٧٨ - ٢٨٢). المرداوي: المصدر السابق، (٢٠/ ٢٨١ - ٢٨٢). المباركفوري: المصدر السابق، (٤/ ٢٥٦ - ٢٥٧).
(٣) ابن حزم: مراتب الإجماع (ص ١٢١).
(٤) تقدم تخريجه عند الضابط الثاني في المبحث الثالث من التمهيد. ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (٥/ ١١٦).
(٥) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٥٧).
(٦) ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٠/ ٢٨٢).
(٧) ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (٢٧٨/ ٢٧٩).
(٨) تقدم تخريجه عند الضابط الثاني في المبحث الثالث من التمهيد.

<<  <   >  >>