للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - المعتبر في دليل الخطاب؛ فمن لم يحتج بمفهوم المخالفة - وهم أكثر الحنفية -؛ لم يروا في قوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصلَابِكُمْ} [سورة النساء: ٢٣] ما يدل على حل نكاح زوجة الابن من الرضاع، ومن احتج به في بعض الصور دون الجميع - وهو قول طائفة؛ كتقي الدين ابن تيمية -؛ أمكنه أن لا يعَدِّي مفهوم المخالفة في الآية الكريمة إلى غير أبناء التبني، ومن احتج بعموم جميع مفاهيم المخالفة - وهم الجمهور؛ في غير مفهوم اللقب -؛ فأصوله تحمله على القول بحل حلائل الأبناء سوى أبناء الصلب. (١)

ولقائل أن يقول: إذا كان الجمهور يعتبرون مفهوم المخالفة حجةً؛ فما بالهم أغفلوا مفهوم المخالفة من الآية، وحرَّموا حلائل أبنائنا الذين من أصلابنا وحلائلَ أبنائنا من الرضاعة، مع كون الآية نصت على حلائل أبناء الصلب، ومقتضى مفهوم المخالفة الذي يحتجون بعمومه حلُّ زوجاتِ الأبناء من الرضاعة؟

والجواب: إن شروط الاحتجاج بمفهوم المخالفة عندهم لم تتوافر في هذا النص، وذلك أن تخصيص الأبناء ذوي الحليلات بوصف الصلبية جرى مجرى الغالب، وحينذاك لا يحتج به؛ إذ الغالب كون الابن صلبيًّا، ومن الذي يكون له ابن من الرضاع إذا ما قورن بمن له ابن من النسب والصلب؟ . (٢)

فإن قيل: فما معنى قول الحق جل ذكره: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [سورة النساء: ٢٤]، بعد قوله سبحانه في بيان من يحرم نكاحهن: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصلَابِكُمْ} [سورة النساء: ٢٣]، إلا أن تكون حلائل أبناء غير الصلب مما أحل بنص الآية؟

كان الجواب: إن الله تبارك وتعالى لما ذكر في الآية التي بين فيها المحرمات من ذكر؛ اقتصر على من هو محرم بكل حال؛ مثل: الأم، والأخت، والعمة، والخالة ... ، حتى ذكر حليلة ابنه الصلبي، وهي من تحرم عليه بالاتفاق ولو طلقها الابن، فأما من لم يحرم نكاحه بإطلاق؛ كأخت الزوجة، أو عمتها، أو الأجنبية الخامسة؛ فلم يكن هذا محلها؛ لأن نكاحها ليس


(١) ينظر: الخبازي: المغني (ص ١٦٤ - ١٦٨). ابن القصار: المقدمة في الأصول (ص ٨١). الشافعي: الرسالة (ص ٢٧٢ - ٢٧٤). ابن قاسم: مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٠/ ٥٢٠). د. عبد الله آل مغيرة: دلالات الألفاظ عند شيخ الإسلام ابن تيمية (٢/ ٦٠٨ - ٦١٢).
(٢) ينظر: الشوكاني: إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (ص ٥٩٦). أ. د. عياض السلمي: أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله (ص ٣٨٤ - ٣٨٦).

<<  <   >  >>