للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- إن الصهر قسيم النسب وشقيقه، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مَنَ الماءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [سورة الفرقان: ٥٤]، فالعلاقة بين الناس بالنسب والصهر، وهما سببا التحريم، والرضاع فرع على النسب، ولا تعقل المصاهرة إلا بين الأنساب. (١)

ج- إن الله تعالى إنما حرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها، وبينها وبين خالتها؛ لئلا يفضي إلى قطيعة الرحم المحرمة، ومعلوم أن الأختين من الرضاع ليس بينهما رحم محرمة في غير النكاح، ولا ترتب على ما بينهما من أخوة الرضاع حكم قط غير تحريم أحدهما على الآخر؛ فلا يعتق عليه بالملك، ولا يرثه، ولا يستحق النفقة عليه، ولا يثبت له عليه ولاية النكاح ولا الموت، ولا يعقل عنه، ولا يدخل في الوصية والوقف على أقاربه وذوي رحمه، ولا يحرم التفريق بين الأم وولدها الصغير من الرضاعة، ويحرم من النسب، والتفريق بينهما في الملك كالجمع بينهما في النكاح سواء، ولو ملك شيئًا من المحرمات بالرضاع لم يعتق عليه بالملك. (٢)

د ــ قال الله تعالى في المحرمات: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصلَابِكُمْ} [سورة النساء: ٢٣]، ومعلوم أن لفظ الابن إذا أطلق لم يدخل فيه ابن الرضاع؛ فكيف إذا قيد بكونه ابنَ صلب، وقصد إخراج ابن التبني بهذا لا يمنع إخراج ابن الرضاع. (٣)

وأجيب عنه: بأن هذا القيد إنما كان لإسقاط اعتبار التبني وإبطاله (٤)، وبأن امرأة الابن من الرضاع تحرم بالإجماع كما تحرم امرأة الابن الصلبي. (٥)

وعامة ما في مناقشاتهم واستدلالاتهم لا يخرج من معقول يخالف صريح المنقول، أو منقول (٦) - وما في حكمه - يخالفه منقول أخص، فاستبان ترجُّحُ قولِ الجمهور في هذا.

ولعل من أسباب الخلاف في مسألة حرمة نظير المصاهرة بالرضاع؛ ما يأتي:


(١) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٥٨).
(٢) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٥٨).
(٣) ينظر: الميداني: المصدر السابق، (٤/ ٧٩). ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٦٠).
(٤) ينظر: الميداني: المصدر السابق، (٤/ ٧٩).
(٥) ينظر: القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (٥/ ١١٦).
(٦) مثل قول الحق تعالى: {وَأُحِلُّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [سورة النساء: ٢٤].
ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٦٢).

<<  <   >  >>