للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - ... إن الحرمة إنما تثبت بين الرضيع والفحل إذا كان منسوبًا إلى الفحل؛ بأن ينتسب إليه الولد الذي نزل عليه اللبن (١).

أدلة القول السادس: استدل أصحاب القول السادس بما يأتي:

١ - إنه نادر، لم تجر العادة به لتغذية الأطفال؛ فأشبه لبن الرجال والبهيمة. (٢)

٢ - إنه ليس بلبن حقيقة، بل رطوبة متولدة؛ لأن الرضاع ما أنشر (٣) العظم وأنبت اللحم، وهذا ليس كذلك. (٤)

ونوقش بما يأتي: أ- إن جنسه معتاد. (٥)

كما يمكن أن يناقش بما يأتي: ب- إن معنى التغذية الموجود في حليب مَن ثاب لبنها عن حمل من انفتاق الأمعاء وسد المجاعة ثم نشوز العظم ونبات اللحم؛ قد تحقق بلبن البكر، فلا معنى للتفريق بين المتماثلين في أحكام الشريعة، ولا دليل على ما يخصص نصوص ثبوت التحريم العامة.

ج- إنه مقتضى الاحتياط.

- الترجيح: تعود الأقوال الستة في الجملة إلى قولين؛ التحريم بلبن البكر، وعدم التحريم.

وعامة قيودات أرباب التحريم ترجع إلى أمور ظنية، غلب على الظن معها عندهم أن الحليب يكون معها شبيهًا بالحليب الثائب عن الحمل أو الوطء في خصائصه وصفاته.

ومن لم ير التحريم؛ يفهم مما استدل به أن ما خرج من ثدي البكر لو كان يشبه ما ثاب عن الحمل أو الوطء من الألبان في صفاته ومكوناته؛ أنه يثبت به التحريم.

وإذا كان ذلك كذلك؛ لم يعد بدٌّ من القول بتحريم لبن البكر إن سمي حليبًا؛ بحيث يشبه الحليب الثائب عن الحمل، وهذا مقتضى حمل نصوص الشريعة في الباب على ما تسعه من المعاني وتقتضيه من المقاصد؛ فإنها - أي: البكر التي ثاب لبنها - سدت جوعة الرضيع بلبنها ففتقت به


(١) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٦).
(٢) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٤). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٣). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨٢).
(٣) بالراء المهملة، والنشر بمعنى الإحياء، وكذلك (أنشز). ينظر: الفيومي: المصدر السابق، (ص ٨٣١).
(٤) ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٤). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨٢).
(٥) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٤).

<<  <   >  >>