للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمعاءه وشدَّت عظامه، ولها عليه حقٌّ بإرضاعه من لبنها؛ حيث صار جزء من بدنها فيه، وتقدم قريبًا من المرفوعات المتفق عليها: "الرضاعة من المجاعة"، والمقصود من هذا الحديث: أنه لا يحرم من حليب المرضع إلا ما كان يسد جوعة الرضيع من دون أن يجتمع معه غيره من الطعام. (١)

قال ابن باز ت ١٤٢٠ هـ: كل امرأة ثاب لها لبن، فأرضعت به طفلًا خمس رضعات في الحولين؛ فإنه يحرِّم؛ سواء كان اللبن من امرأة حامل، أو ثيب، أو بكر متزوجة أو غير متزوجة، أو كبيرة السن؛ فإنه محرم، وكلام الفقهاء أن اللبن المحرم هو ما ثاب عن حمل لا دليل عليه؛ لأن الحديث عَمم، ولم يخصص ا. هـ (٢)

- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية:

١ - إذا أراد زوج البكر التي أرضعت في بكارتها أن يتزوج ممن أرضعتها فلا مانع؛ إذا طلقها قبل الدخول؛ لأن الحرمة لا تتعدى إلى زوجها. أما لو طلقها بعد الدخول؛ فليس له التزوج بالرضيعة؛ لأنها صارت من الربائب التي دخل بأمها (٣)، وهذا عند من يرى في لبن البكر ما يحرم، ومن لم فيه شيئًا لم يكن له مدخل في القول بالمنع.

٢ - إذا نزل للبكر ماء أصفر؛ لم يحرِّم، حتى تجري عليه أوصاف اللبن، فيحكم بها (٤)، وهذا مبني على قول من يقول بتحريم لبن البكر - وهو الراجح -، وأما من لم ير فيه ما يحرم مطلقًا، فلا ترد عليه هذه المسألة.

٣ - لو أن بكرًا نزل لها لبن، فحلب - وهي لم تمسس بنكاح ولا غيره، ولم يعلم لها حمل -، فأُرضع به مولود خمس رضعات؛ كان ابنها - على المترجح -، ولا أب له (٥)؛ خلافًا للقول المرجوح الذي قال فيه أصحابه بعدم تحريم لبن البكر مطلقًا، وهم نفر من الشافعية والحنابلة (٦).


(١) ينظر: الضابط الثامن من المبحث الثالث في تمهيد هذا البحث.
(٢) عبد الله بن عثمان آل نجران التويجري: فتاوى وتقريرات علمية من دروس سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص ٤٦١).
(٣) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١١).
(٤) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١١).
(٥) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٥).
(٦) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٤). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٣). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨٢).

<<  <   >  >>