للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو منهما جميعًا، وابنٌ لهما؛ في مذهب محمد بن الحسن (١)، وبعض المالكية بقيد عدم الانقطاع (٢)، والحنابلة بقيد أن يزيد لبن من الحمل الثاني أو يثوب بالحمل بعد انقطاع (٣)؛ فإن حملت منه ولم تلد أو يزد لبنها فهو للأول (٤)

وتنقطع أبوة الزوج الأول بوطء زوج ثانٍ وإن دام الحليب؛ في قولٍ لبعض المالكية؛ كاللخمي (٥)، وقال آخرون منهم: تنقطع أبوة الزوج الأول بمحض الحمل. (٦)

ويكون اللبن للأول إذا سئل النساء عن الوقت الذي يثوب فيه اللبن ويبين الحمل؛ فإن قلن: الحمل لو كان من امرأة بكر أو ثيب ولم تلد قط، أو امرأة قد ولدت؛ لم يأت لها لبن في هذا الوقت؛ إنما يأتي لبنها في الثامن من شهورها أو التاسع؛ فاللبن للأول، فإن دام فهو ابن للأول؛ ما بينه وبين أن يبلغ الوقت الذي يكون لها فيه لبن من حملها الآخر؛ في مذهب الشافعي (٧).

وفصل آخرون بشكل الأوسع؛ ففي قول للشافعية أن الأمر لا يخلو:

أأن لا يدخل وقت حدوث اللبن للحمل (٨)؛ فاللبن للأول؛ سواء زاد على ما كان أو لا، وسواء انقطع ثم عاد أو لا.

ب أن يدخل وقت حدوث اللبن للحمل، وهنا لا يخلو:

١ - إما أن ينقطع اللبن مدة طويلة؛ فاللبن للأول، وللثاني في قول آخر عندهم، ولهما في قول ثالث لهم أيضًا.

٢ - وإما أن لا يكون كذلك؛ بأن لم ينقطع، أو انقطع مدة يسيرة؛ فاللبن للأول، ولهما في قول آخر عندهم، ولهما بقيد زيادة اللبن وإلا فللأول في قول ثالث لهم. (٩)

وقال الحنابلة: لا يخلو: أ- إن لم يزد أو ينقطع فهو ابن الأول، وهو لهما في قول ثانٍ عندهم.

ب ــ إن زاد أو انقطع صار ابنًا لهما، وفي احتمال عندهم أنه إن زاد فلهما أو انقطع فللثاني وحده. (١٠)

وقال ابن حزم: إن تمادى اللبن؛ فهو للأول؛ إلا أن يتغير ثم يعتدل، فإنه إذا تغير؛ فقد بطل حكم الأول، وصار للثاني (١١).

٣ - إذا نزل لبكر لبن، فتزوجت وحملت ولها لبن، ثم تعاطت ما يدر الحليب من المصنعات الحديث، فكثره أو در بعد جفافه؛ لم يؤثر ذلك في انتشار المحرمية إليها، وإلى زوجها أيضًا على ما ترجح.

- سبب الخلاف: يرجع سبب الخلاف في هذه المسألة إلى المسائل الآتية:

١ - ما تتحقق به أبوة زوج المرضع؛ فمن أناطه بانفصال الولد من الحمل ولم ير في غيره موجبًا لثيابة اللبن - وهم بعض الشافعية (١٢) -؛ لم ير في الوطء ما يثيب اللبن ولا في عقد النكاح ناسبًا للزوج، ومن رأى في الحمل ما يحقق نسبة اللبن إلى أبي الحمل - وهو مذهب الشافعي (١٣) وبعض أتباعه (١٤) والحنابلة (١٥) -؛ أثبت الحرمة بين الرضيع والزوج إلى جانب المرضع


(١) الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٧٥).
(٢) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٣، ٢٨٠).
(٣) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٦ - ٣٢٧). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٨).
(٤) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٨).
(٥) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٣).
(٦) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٣).
(٧) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٧ - ٨٨). والظاهر أن الفرق بين قول الشافعي وقول أبي يوسف؛ أن الأخير ليس صريحًا في إناطة الحكم بما جرى عليه عرف النساء، بل يحتمل أن يكون الحكم لقول الأطباء، بخلاف مذهب الشافعي.
(٨) وذكروا أن أقل مدة يحدث فيها اللبن للحمل أربعون يومًا. ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٩).
(٩) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٩).
(١٠) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٦ - ٣٢٧). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٨١ - ٢٨٣). المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٨١ - ٢٨٥).
(١١) ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٣٠).
(١٢) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٩).
(١٣) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٤).
(١٤) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٩).
(١٥) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٧، ٣٢١). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢١٤ - ٢١٥، ٢٢٣).

<<  <   >  >>