للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: الاستدلال على عدم جواز إرضاع الكوافرِ أولادَ المسلمين:

١ - قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [سورة التوبة: ٢٨]، وبعض النجس نجس بلا شك. (١)

ونوقش بما يأتي: أ- إنما وصفوا بالنجاسة؛ لأنهم يجنبون، فلا يغسلون، ولا ينبغي لمن كان كذلك أن يدخل مسجدًا، وقد جاء تفسير النجاسة في الآية بالجنابة عن قتادة (٢)، وهذا لا علاقة له بالإرضاع.

ب - إن نجاسة الكافرة نجاسة معنوية، ولذلك نلبس ثيابهم التي صنعوها، وقد أدخلهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مجلسَه وبيته، ولم يكن الصحابة يتوقون ملامستهم. (٣)

٢ - إنها ليست مما أبيح لنا اتخاذُهن أزواجًا وطلبُ الولد منهن، فبقي لبنها على النجاسة جملة. (٤)

- الترجيح: يتبين مما تقدم رجحان القول بثبوت التحريم في الرضاع من الفاجرة أو غير المسلمة؛ لعموم قول الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [سورة النساء: ٢٣]، من دون مخصص صحيح، وله أن يسترضع من شاء؛ لعموم قول الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [سورة البقرة: ٢٣٣]، وقوله: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [سورة الطلاق: ٦]، وإذا ثبت كون الرضاع يغير الطباع؛ فالأولى للمولود له أن يتخير الأفضل؛ فيراعي العقل في المرضع، والعفة، والسلامة من العيوب؛ لعموم قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [سورة المائدة: ٢]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع، ومسؤول عن رعيته، ... والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته" رواه البخاري (٥)، وتفضيله بعض


(١) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١٢).
(٢) ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (١١/ ٣٩٧).
(٣) الدبيان: المصدر السابق، (٩/ ٣٦٤).
(٤) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١٢).
(٥) ينظر: البخاري: المصدر السابق، (كتاب الوصايا وغيره - باب تأويل الله تعالى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} - ٤/ ١٤)، برقم (٢٧٦٨)؛ من طرق، بألفاظ مقاربة.

<<  <   >  >>