للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش بما يأتي: أ- إنكم قستم ذلك على الرضاع والإرضاع. (١)

وأجيب عنه: بأن القياس كله باطل، ولو كان القياس حقًّا لكان هذا منه عين الباطل، وبالضرورة يدري كل ذي فهم أن الرضاع من شاة يشبه الرضاع من امرأة؛ لأنهما جميعًا رضاع، والرضاع من الشاة يشبه الرضاع من المرأة أكثر من الرضاع بالحقنة، ومن الرضاع بالسعوط، وأنتم لا تحرمون بغير النساء؛ فلاح تناقضهم في قياسهم الفاسد، وشرعهم بذلك ما لم يأذن به الله عز وجل. (٢)

ويمكن أن يناقش الجواب: بقول الله تعالى {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: ٢٣]، وغير بني آدم لا يصير لبني آدم أمًّا، ولا أخًا في الجنس، فضلًا عن الرضاعة.

ب - إن قولكم هذا مخالف لما دلت عليه نصوص الشريعة التي تعتبر ما فتق الأمعاء من الألبان محرِّمًا؛ في مثل المرويات الآتية: "إنما الرضاع ما فتق الأمعاء" رواه أصحاب السنن (٣)، "إنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه (٤)، وهذا يوجد في اللبن الواصل إلى الجوف؛ صبًّا في الحلق، أو التقامًا للثدي، أو غير ذلك، ولعل رضاع سالم - كما في صحيح مسلم (٥) - كان هكذا. (٦)

كما يمكن أن يناقش دليلهم بما يأتي:

ج- إن هذا تخصيص للحكم الشرعي بالعرف اللغوي، والعرف الشرعي يقدم عليه إذا تعارض معه.

- الترجيح: الراجح ثبوت التحريم من الحليب المخلوط بالدواء غالبًا كان أو مغلوبًا؛ إذا بقي مسمى الحليب بعد الخلط؛ لعموم النصوص المثبتة للتحريم من لبن الآدمية، ولأن الحليب المخلوط إذا وصل إلى الجوف فقد تحقق معنى الغذاء الذي يقع معه نشوز العظم


(١) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).
(٢) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).
(٣) تقدم تخريجه عند الضابط السابع من المبحث الثالث في التمهيد.
(٤) تقدم تخريجه عند الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد.
(٥) سيأتي تخريجه في المسألة السادسة من هذا المطلب.
(٦) ينظر: المازري: المعلم بفوائد مسلم (٢/ ١١٠). القاضي عياض: المصدر السابق، (٤/ ٦٤٠).

<<  <   >  >>