للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش الجواب: بأن حظ السعوط من ذلك كحظ الكحل والتقطير في العين باللبن سواء بسواء؛ لأن كل ذلك واصل إلى الحلق ثم إلى الجوف؛ فلم فرقتم بين الكَحل به وبين السعوط به؟ هذا وأنتم تقولون (١): إن من قطر شيئًا من الأدهان في أذنه وهو صائم فإنه يفطر، وكذلك إن احتقن؛ فإن كان ذلك يصل إلى الجوف؛ فهم لَا يحرمون بما يصل إليه من اللبن بالحقن أو الاكتحال شيئًا، وإن كان لا يصل إلى الجوف فلم فطرتم به الصائم؟ وهذا تلاعب لا خفاء به. (٢)

ولم قلتم (٣): إن جُعل لبن المرأة في طعام وطبخ، وغاب اللبن أو صب في ماء، فكان الماء هو الغالب، فسقي الصغير ذلك الماء أو أطعم ذلك الطعام؛ لم يقع به التحريم.

وأيضًا فإنهم (٤) يحرمون بالنقطة تصل إلى جوفه، وهي لا تدفع عندهم شيئًا من المجاعة؛ فظهر خلافهم للخبر الذي موّهوا بأنهم يحتجون به. (٥)

ب - إنكم قلتم (٦): لا يحرم الكحل للصبي باللبن، ولا صبُّه في العين أو الأذن، ولا الحقنة به، ولا مداواة الجائفة به، ولا المأمومة به، ولا تقطيره في الإحليل.

وقلتم: لو طبخ طعام بلبن امرأة حتى صار مرقة نضجة، وكان اللبن ظاهرًا فيها غالبًا عليها بلونه وطعمه، فأُطعمه صغير لم يحرم ذلك عليه نكاح التي اللبن منها، ولا نكاح بناتها، وكذلك لو ثرد له خبز في لبن امرأة، فأكله كله؛ لم يقع بذلك تحريم أصلًا، فقولكم: السعوط والوجور يحرمان كتحريم الرضاع؛ تناقض منكم في هذا. (٧)

ج - إن هذا الخبر حجة لنا؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - إنما حرم بالرضاعة التي تقابل بها المجاعة، ولم يحرم بغيرها شيئًا؛ فلا يقع تحريم بما قوبلت به المجاعة من أكل أو


(١) يريد أبا حنيفة وأصحابَه.
(٢) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١٠).
(٣) يريد مالكًا.
(٤) يريد المالكية.
(٥) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١١).
(٦) يريد أبا حنيفة وأصحابَه.
(٧) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١٠).

<<  <   >  >>