للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الثالث: استدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:

١ - إنه رضع من لبنها حقيقة. (١)

٢ - إن التحريم بين المولود والزاني فرع لحرمة الأبوة، فلما لم تثبت حرمة الأبوة للزاني؛ لم يثبت ما هو فرع لها، ويفارق تحريم ابنته من الزنى؛ لأنها من نطفته حقيقة، بخلاف مسألتنا. ويفارق تحريم المصاهرة؛ فإن التحريم ثم لا يقف على ثبوت النسب، ولهذا تحرم أم زوجته وابنتها من غير نسب، وتحريم الرضاع مبني على النسب، فأما المرضعة، فإن الطفل المرتضع محرم عليها، ومنسوب إليها عند الجميع. وكذلك يحرم جميع أولادها، وأقاربها الذين يحرمون على أولادها، على هذا المرتضع، كما في الرضاع باللبن المباح. (٢)

٣ - إن من شرط ثبوت حرمة الرضاع بين المرتضع والرجل الذي ثاب اللبن بوطئه؛ أن ينسب الحمل إلى الواطئ، فأما ولد الزنا ونحوه؛ فلا. (٣)

٤ - إنه ولد موطوءته، والوطء الحرام كالحلال في تحريم الربيبة. (٤)

- الترجيح: ربما توهم الناظر في بعض إطلاقات الفقهاء في باب الرضاع أنهم يثبتون أبوة الزاني الرضاعية؛ في مثل المقالات الآتية:

قال القدوري ت ٤٢٨ هـ: "ولبن الفحل يتعلق به التحريم، وهو: أن ترضع المرأة صبية؛ فتحرم هذه الصبية على زوجها, وعلى آبائه, وأبنائه، ويصير الزوج الذي نزل لها منه اللبن أباً للمرضَعَة". (٥)

وقال القرافي ت ٦٨٤ هـ: "قال اللخمي: اللبن يكون للفحل بثلاثة أسباب: أن يوجده، أو يكثره، أو يباشر منيه الولدَ في البطن". (٦)

لكن التحقيق ما ذهب إليه الشافعي والحنابلة كما في القول الثالث أنه لا تثبت للزاني الأبوة الرضاعية؛ لعدم وجود الداعي الشرعي لإثبات الأبوة النسبية، وهو الميثاق الغليظ بعقد النكاح، وإنما يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. (٧)


(١) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨١).
(٢) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٢). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢١٩ - ٢٢٠).
(٣) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨١).
(٤) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨١).
(٥) القدوري: المصدر السابق، (ص ٢٣٠).
(٦) القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٨٠).
(٧) متفق عليه مرفوعًا. تقدم تخريجه عند الضابط الثاني في المبحث الثالث من التمهيد.

<<  <   >  >>