للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - لو كان لرجل ثلاث نسوة لهن لبن منه، فأرضعن امرأة له صغرى؛ كل واحدة منهن رضعتين؛ حرمت على الأب ولم تحرم المرضعات عند من يشترط عددًا؛ كالحنابلة فيما صرحوا به، خلافًا لمن أثبت التحريم بالرضاع من دون أن يشترط عددًا. (١)

٢ - إذا كان لامرأة لبن من زوج، فأرضعت طفلًا ثلاث رضعات، وانقطع لبنها، فتزوجت آخر، فصار لها منه لبن، فأرضعت منه الصبي رضعتين، صارت أمًّا له بغير خلاف عند القائلين بأن الخمس محرمات، ولم يصر واحد من الزوجين أبا له؛ لأنه لم يكمل عدد الرضاع من لبنه، ويحرم الرضيع - إن كان أنثى - على الرجلين؛ لكونه ربيبها، لا لكونه ولدهما (٢)، ويحرم الرضيع على المرأة عند القائلين بأن الثلاث محرمات، ويحرم الرضيع على المرأة وعلى الزوجين عند القائلين بأن قليل الرضاع يحرم كما يحرم كثيره، ولا يحرم الحليب شيئًا عند من يقول بالسبع أو العشر.

- سبب الخلاف: يمكن إعادة سبب الخلاف في هذه المسألة إلى ما يأتي:

١ - حكم نسخ السنة الآحادية للقرآن، أو تخصيصه بها؛ فمن احتج بها؛ خصص إطلاق التحريم للأم الرضاعية في الكتاب بالعدد الوارد في السنة الأُحَادية، ومن لم يحتجَّ بها؛ لم ير فيما جاء من السنة قوةً لنسخ عموم الكتاب حين أطلق إسناد التحريم إلى الأم المرضعة، والأخوات من الرضاعة.

والأوجه الذي يدل على ما ترجح هو الرأي الأول؛ لأن السنة شرع من الله تعالى كما أن الكتاب شرع منه سبحانه، وليس في العقل ما يمنع من ذلك ولا في الشرع. (٣)

٢ - هل العبرة بما روى الراوي أو بما رأى؟

فمن قدم رواية الراوي على رأيه - وهم الجمهور إن خالف ظاهر الحديث -؛ أخذ بدلالة ما صح من النصوص المرفوعة التي تقيد الرضاع المحرم بالعدد وإن روي خلافه عمن جاءت من طريقه من الصحابة، ومن قدم رأي الراوي على روايته - وهم الحنفية إن خصصه وبعض


(١) ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٦١). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٩٦).
(٢) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٥). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٩٥ - ٩٦).
(٣) ينظر: الشافعي: الرسالة (ص ٢٢٠ - ٢٢٦). الشوكاني: المصدر السابق، (ص ٦٣٠ - ٦٣١).

<<  <   >  >>