للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدليل على اعتباره ضابطًا في باب الرضاع ما يأتي:

١ - قول الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [سورة البقرة: ٢٣٣]، ومظنة إنبات اللحم ونشاز العظم من الرضاع ما كان في الحولين.

٢ - حديث ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا رضاع إلا ما شد العظم وأنبت اللحم". (١)


(١) ينظر: البيهقي: السنن الكبير: (كتاب الرضاع - باب رضاع الكبير - ١٦/ ٣٢)، برقم (١٥٧٤٩)؛ من طريق أبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الفقيه، عن علي بن عمر الحافظ، عن الحسين بن إسماعيل، عن خلاد بن أسلم، عن النضر بن شميل - هو المروزي من بني مازن؛ شيخ مرو ومحدثها، إمام صاحب سنة -، عن سليمان بن المغيرة، عن أبي موسى، عن أبيه، عن ابن لعبد الله ابن مسعود، عن ابن مسعود؛ به مرفوعًا.
فابن مسعود هو الصحابي المعروف الذي أسلم بمكة قديمًا ت ٣٣ هـ وله ثلاث وستون، وابنه الذي روى عنه يحتمل أن يكون عبد الرحمن أو أبا عبيدة أو عتبة؛ فأما عبد الرحمن فهو ثقة ت ٧٧ هـ وتوفي أبوه وله ست سنين، واختلف في سماعه منه، ومن أثبت سماعه لم يعدَّ هذا الحديث من بينها، وأما أبو عبيدة الذي قيل بأن اسمه عامر ت ١٨١ هـ فروايته محمولة في الأصل على السماع وإن لم يسمع كما هو الأصح وقول الأكثر؛ لاستقامة مروياته، وكون عامة تلامذة أبيه ثقاتٍ، وأما ما صرح فيه بالتحديث عن أبيه فهو خطأ، ولذلك؛ لم يرو له الشيخان إلا عن غير أبيه بخلاف أصحاب السنن، وأما عتبة فهو جد المسعودي، ولم أعثر له على ترجمة ولا رواية، وأبو موسى الهلالي من طبقة كبار التابعين لكنه مجهول هو وأبوه كذلك؛ لا يعرف غير سليمان بن المغيرة يروي عن أبي موسى، وأبو سعيد سليمان بن المغيرة القيسي البصري ثقة ثبت ت ١٦٥ هـ، والنضر بن شميل ثقة ثبت معدود من أهل البصرة؛ ولد في ١٢٢ هـ وتوفي ٢٠٤ هـ تقريبًا، وأبو بكر خلاد بن أسلم الصفار البغدادي ثقة ت ٢٤٩ هـ تقريبًا، والحسين بن إسماعيل هو القاضي الضبي البغدادي المَحَاملي؛ كان فاضلًا صادقًا ثقةً، يكثر الدارقطني من الرواية عنه في السنن وفي المؤتلف والمختلف، ولد في ٢٣٥ هـ وتوفي ٣٣٠ هـ، وعلي بن عمر الحافظ هو إمام عصره الدارقطني الثقة المصنِّف المعروف، وأبو بكر الفقيه ثقة سمع منه البيهقي، وهو راوي سنن الدارقطني، ت ٤٣٠ هـ عن إحدى وثمانين سنة.
وحكم بالإيهام الألباني على من رفع هذا الحديث، وضعف سنده. ويعضد رأي الألباني في توهيم من رفعه أن أحمد - كما سيأتي قريبًا - رواه من طريق أبي سفيان وكيع بن الجراح الكوفي عن سليمان بن المغيرة؛ به موقوفًا على ابن مسعود لا مرفوعًا، ومن طريق وكيع رواه كذلك الدارقطني، وأن أبا داود أيضًا رواه - كما سيأتي قريبًا - من طريق أبي ظفر عبد السلام بن مطهر بن حسام الأزدي البصري - وهو صدوق -، عن سليمان بن المغيرة؛ به موقوفًا لا مرفوعًا، بل إن الدارقطني الذي روى من طريقه البيهقي هذا الحديث المرفوع - كما سيأتي قريبًا - قد جاء هذا المروي في سننه موقوفًا من هذا الطريق، ولا يستبعد أن يكون الرفع وهمًا من البيهقي أو من شيخه أبي بكر تلميذ الدارقطني، أو خطأ مطبعيًّا، وخصوصًا أنه روي أيضًا عند البيهقي موقوفًا في رواية أخرى كما سيأتي قريبًا، وأن الحسين المحاملي راوي الحديث رواه في أماليه موقوفًا من طريق آخر يأتي قريبًا؛ بإذن الله تعالى. =

<<  <   >  >>