للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولبن المشركة إنما ينجس هو وهي بذلك؛ لدينها النجس، فلو أسلمت لطهرت كلها، فلإرضاعها حكم الإرضاع في التحريم؛ لما ذكرنا، وبالله تعالى التوفيق. (١)

ثانيًا: الاستدلال على تعلق التحريم باللبن يحلب من حية فيوجر به صبي بعد موتها:

١ - كما يكون ابنَها لو أرضعته في الحياة. (٢)

- الترجيح: من خلال ما تقدم من أدلة ومناقشة يترجح القول الأول، وهو أن لبن الميتة كلبن الحية في التحريم، ولو حلب من المرضعة بعد موتها؛ لتحقق المعنى الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم، وهو الغذاء، والنصوص المثبتة للتحريم من الرضاع لم تفرق بين الحليب المعروف بأوصافه إذا كان من آدمية حية أو من ميتة.

ومفهوم قولهم هذا جواز حلب لبن المرضع بعد موتها، وهذا هو الظاهر من نصوص الشريعة ومقتضى مقاصدها العامة؛ لأن الحليب إنما خلق في ضرعها لا لها وإنما لغيرها؛ فجاز حلبه منها بعد موتها، كما جاز أخذ أظفار الميت، وشاربه، ونتف إبطه؛ إزالة للأذى.

- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في فروع فقهية، منها:

١ - حليب الميتة دماغيًّا عند من يعتبر الميِّت دماغيًّا كالميت حقيقةً؛ فيقع به التحريم إذا حلب منها بعد موتها دماغيًّا في قول الجمهور، وهو الراجح، ولا يقع به التحريم في مذهب الشافعي وبعض أتباعه، وبعض المالكية والحنابلة.

٢ - لو ارتضع صبي في الحولين أربع رضعات، وفي خلال الرضعة الخامسة ماتت المرضعة؛ ففي وجه عند الشافعية: لا يثبت التحريم (٣)، وهو مقتضى قول الشافعي، والوجه الثاني عند الشافعية: ثبوته (٤)، وهو مقتضى مذهب الأوزاعي والحنابلة والظاهرية، ولا ترد هذه المسألة على أصل أبي حنيفة (٥)، ومالك (٦)، وغيرهما (٧)؛ ممن يكون عنده قليل الرضاع ككثيره في التحريم.


(١) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١٢).
(٢) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٩).
(٣) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٢).
(٤) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٢).
(٥) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٥٥). ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٣٩٩). الميداني: المصدر السابق، (٤/ ٧٥).
(٦) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٤).
(٧) ينظر: الترمذي: المصدر السابق، (٢/ ٤٤٤). ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٧١).

<<  <   >  >>