للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - عموم قوله تعالى: {حُرِّمَّتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ} [سورة المائدة: ٣].

أدلة القول الرابع: استدل أصحاب القول الرابع بما يأتي:

أولًا: الاستدلال على عدم تعلق التحريم بمن ارتضع من ميتة أو من لبن حلب من ميتة:

١ - إنه لا يكون للميت فعل له حكم بحال. (١)

٢ - كما لا تثبت حرمة المصاهرة بوطء الميتة. (٢)

٣ - إنه نجس. (٣)

ونوقش بما يأتي: أ- نعم؛ قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "المؤمن لا ينجس" متفق عليه (٤)، وقد علمنا أن المؤمن في حال موته وحياته سواء؛ هو طاهر في كلتا الحالتين، ولبن المرأة بعضها، وبعض الطاهر طاهر، إلا أن يخرجه عن الطهارة نص فيوقف عنده، لكن لا نسلم أن لبن الكافرة طاهرًا يحرم، وهو بعضها، والله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [سورة التوبة: ٢٨]، وبعض النجس نجس بلا شك. (٥)

ويمكن أن يجاب عنه: بأنكم تقولون: إن لبن الكافرة نجس بلا شك، وأنتم تجيزون مع ذلك استرضاع الكافرة؟ (٦)

ونوقش هذا الجواب: بأن الله تعالى أباح لنا نكاح الكتابية، وأوجب على الأم رضاع ولدها، وقد علم الله تعالى أنه سيكون لنا أولاد منهن: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [سورة مريم: ٦٤]؛ إلا أننا نقول: إن غير الكتابية لا يحل لنا استرضاعها؛ لأنها ليست مما أبيح لنا اتخاذهن أزواجًا وطلب الولد منهن فبقي لبنها على النجاسة جملة، ثم نقول: لو خالط لبن المرضعة دم ظاهر من فم المرضع، أو غير ذلك من المحرمات كما يحرم الذي لم يخالطه شيء من ذلك؛ لأن النجس والحرام إذا خالطهما الطاهر الحلال؛ فإن الطاهر طاهر، والنجس نجس، والحلال حلال، والحرام حرام؛ فالمحرِّم هو اللبن، لا ما خالطه من حرام أو نجس، ولكل شيء حكمه،


(١) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٩).
(٢) النووي: المصدر السابق، (٩/ ٣).
(٣) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١١).
(٤) تقدم تخريجه في الفرع الثاني للمطلب الخامس من مطالب المبحث الثالث ضمن الفصل الأول.
(٥) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١١).
(٦) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١٢).

<<  <   >  >>