للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه؛ فأغنى عن التنطع في تحقيق المناط، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هلك المتنطعون" رواه مسلم. (١)

ب - إن هذا القيل من آثار توسع طائفة من متأخري المالكية في الذرائع سدًّا ومنعًا، وهو ما يعود إلى أصل اعتبار المآلات، وهو من الأصول الفكرية المؤثرة في تكوين الفكر القواعدي عند المالكية بعد اعتبار المقاصد؛ حتى رجعت هذه المبالغة في اعتباره على كثير من الأحكام بالإشكال، وقد كان هذا منهم؛ اعتبارًا بمدرك اجتهاد الإمام في الاعتداد بالاحتياط والالتزام بالأثر، لكن الخلل فيما وقعوا فيه من مزالق التنزيل الذرائعي؛ كالمبالغة، والغلو، والإجراء على التعميم، والتأبيد دون التوقيت، والأصل اعتبار هذا الأصل بضوابطه؛ على وفق تمليه مقاطع الشرع لرعْيِه (٢)، ولا يعني ذلك أنه يكتفى لإثبات التحريم محض الالتقام، بل لا بد من وجود داعي ثوبان الحليب في ثدي المرضع؛ كالولادة، والوطء، أو رؤيته بصفاته.

أدلة القول الثاني: تقدمت الأدلة الموجبة للتحريم، وقد استدل أصحاب القول الثاني لحرمة حليب الميتة في حال الشك بما يأتي:

١ - إنه أحوط. (٣)

أدلة القول الثالث: استدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:

١ - شبهها بالبهيمة، بل بالجماد. (٤)

٢ - إنه لبن ممن ليس بمحل للولادة، فلم يتعلق به التحريم؛ كلبن الرجل. (٥)

ويمكن أن يستدل له بما يأتي:


(١) ينظر: مسلم: المصدر السابق، (كتاب العلم - باب هلك المتنطعون - ٧/ ٣٤)، برقم (٢٧٦٢)؛ من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة، عن حفص بن غياث، ويحيى بن سعيد؛ عن ابن جريج، عن سليمان بن عتيق، عن طلق بن حبيب، عن الأحنف بن قيس، عن عبد الله؛ به مرفوعًا، قالها ثلاثًا.
(٢) ينظر: القرافي: الفروق (٣/ ٤٠٥ - ٤١١). الشاطبي: المصدر السابق، (٥/ ١٨٤ - ١٨٦). د. عبدالله الحسني: المصدر السابق، (١/ ٤٥١، ٢/ ٥٣٩، ٩٢٤). د. مصطفى الصمدي: المصدر السابق، (ص ٣٦٣، وما بعدها).
(٣) الحطاب: المصدر السابق، (٤/ ٥٧٥).
(٤) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٠).
(٥) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٦). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٤٠).

<<  <   >  >>