للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله؛ قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبيَّ إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها. رواه مسلم (١)، ولولا وجوب إرضاع الوليد على أمه حتى الفطام؛ ما حكم - عليه الصلاة والسلام - بتأخير إقامة حد الله في المرضع حتى الفطام، ولا نهى عن رجمها؛ في قوله: "لا نرجمها". (٢)

فإن قيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجمها قبل أن تفطمه بعدما كفل رضاعه رجل من الأنصار. (٣)

فقد أجيب: بأن حق الولد إذا كان قد روعي وهو جنين؛ فلم ترجم لأجله بالإجماع، فمراعاته إذا خرج للوجود أولى. (٤)

وبأن الرواية التي ذكر فيها عدم رجمها حتى فطمت ولدها = أولى؛ لإثباتها حكمًا زائدًا على الرواية الأخرى التي ليس فيها الإنظار لحين الفطام. (٥)

والتحقيق أن الرواية التي أوردها مسلم في الأصول - وهي التي كان فيها قول النبي _ صلى الله عليه وسلم _: "لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه"، فقام رجل من الأنصار، فقال: إلي رضاعه يا نبي الله؛ قال: فرجمها -، وإن كانت أصح مما توبعت به؛ إلا أن الدلالة هي هي؛ فإن حق الله تعالى لما أمكن المبادرة بإقامته، مع ما في ذلك من تحقيق مصلحة الغامدية والرفق بها ومساعدتها في تعجيل طهارتها بالحد، على وجه لا يخل بحق الصغير في الرضاع؛ أذن به النبي - صلى الله عليه وسلم - (٦)، ولولا كفالة الأنصاري ما رجمها - عليه الصلاة والسلام - حتى ترضعه كما قضى في الحكم الأولي، وذلك مناط بالسياسة الشرعية على ما يقدره الحاكم في إطار سلطته التقديرية.

- سبب الخلاف: يعود سبب الخلاف في هذه المسألة إلى مسائل، منها:


(١) تقدم تخريجه في المطلب الثاني للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول.
(٢) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧١).
(٣) ينظر: النووي: شرح صحيح مسلم (١١/ ٢١١).
(٤) ينظر: أبو العباس القرطبي: المصدر السابق، (٥/ ٩٧).
(٥) المصدر السابق.
(٦) ينظر: النووي: المصدر السابق، (١١/ ٢١١).

<<  <   >  >>