للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله - عليه السلام - الرضاعة من المجاعة" (١)، وذلك أن الصبي إذا فطم - وهو المراد بالفصال - استغنى في العادة بأكل بني آدم؛ فلم يعد الحليب يغني غناءه كالكبير، وإذا كان ذلك كذلك؛ لم تصدق عليه الأوصاف الشرعية لحليب الآدمية المحرم؛ كفتق الأمعاء، وسد الجوعة، ونبات اللحم، ونشوز العظم.

٢ - ما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: ما كان من رضاع بعد سنتين، أو في الحولين بعد الفطام؛ فلا رضاع ا. هـ، وقال: لا رضاع بعد فصال أو بعد حولين ا. هـ (٢).

٣ - ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: لا رضاع بعد فصال السنتين ا. هـ (٣)؛ يعني: أنه لا يحرم شيء من الرضاع بعد الفطام الكائن في الحولين.

٤ - ما روي عن عروة بن الزبير أنه قال حين سئل عن الرضاعة بعد الفطام؛ قال: إنما ذلك طعام أكله ليس بشيء ا. هـ (٤)

ثانيًا: الدليل على ثبوت الحرمة بالرضاع للكبير عند الحاجة:

١ - قصة سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنهم - مع زوجة أبي حذيفة - رضي الله عنهما - (٥)، وقد فسرها أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها رخصة له دون الناس (٦)، وهذا ما يعني أن الأصل عدم التحريم بالرضاع للكبير من سائر الناس؛ إلا من كانت له حاجة، كما كانت لسهلة حاجة.

أدلة القول الثالث عشر: لم أعثر لأصحاب هذا القول دليل خاص، لكن يمكن أن يستدل لهم بما يأتي:


= وعن ابن عباس: ما روى: عبد الرزاق: المصدر السابق، (٧/ ٤٦٤)، برقم (١٣٩٠١، ١٣٩٠٢)؛ من طريق معمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس؛ قال لا رضاع بعد فصال سنتين ا. هـ، ومن طريق الثوري، عن عمرو بن دينار، عمن سمع ابن عباس يقول: لا رضاع بعد الفطام ا. هـ، والملحوظ أن سفيانًا الثوري خالف ابنَ عيينة ومعمرًا؛ فرواه عن عمرو بن دينار، عمّن سمع ابن عباس؛ به.
وقد بوب ابن ماجه (٣/ ١٢٥): لا رضاع بعد فصال ا. هـ
وقد ضعف حديث جابر المرفوع من طريق حرام عن ابني جابر وطريق يزيد الفقير: عبد الحق الإشبيلي، والظاهر أنه منكر مرفوعًا صحيح موقوفًا.
ينظر: ابن حبان: المجروحين من المحدثين (١/ ٣٩٨ - ٣٩٩). ابن عدي: المصدر السابق، (٢/ ٢٥ - ٢٦، ٣١٧، ٣/ ٣٠١، ٤/ ٣٣٦ - ٣٣٧، ٥/ ٣٥٥). ابن القيسراني: المصدر السابق، (٢/ ١٢١٨، ٥/ ٢٦٥٣ - ٢٦٥٤، ٢٦٩٧). ابن القطان الفاسي: بيان الوهم والإيهام (٢/ ١٠٠، ٣/ ٢٣٧ - ٢٣٨، ٥/ ٧٦٣). الهيثمي: المصدر السابق، (٤/ ٢٦٢). الألباني: المصدر السابق، (٥/ ٨١). أبو إسحاق الحويني: المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة (٢/ ٥٣٢ - ٥٣٣).
(١) تقدم تخريجه عند الضابط الثامن من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد.
(٢) ابن جرير: المصدر السابق، (٤/ ٢٠٤)، وتقدم تخريجه عند الكلام على الدليل الآنف.
(٣) ابن جرير: المصدر السابق، (٤/ ٢٠٥)، وتقدم تخريجه عند الكلام على الدليل الأول لأصحاب هذا القول.
(٤) ينظر: سعيد بن منصور: (١/ ٢٧٦)، برقم (٩٦٨)؛ من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن إبراهيم بن عقبة؛ أنه سأل عروة بن الزبير؛ به.
(٥) ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٩ - ٢٣٠).
(٦) تقدم تخريجه في الفرع الثاني من المطلب الثالث للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول، وفي المبحث الأول من مباحث الفصل الثالث.

<<  <   >  >>