للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - إنه لا حاجة ولا ضرورة تدعو إلى لبن المصابة بالإيدز؛ فلا يجوز فعله. (١)

أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:

١ - إن الرضاعة حق للمرضعة والراضع، وتفويت المؤكد لمجرد احتمال ضرر؛ غير موجب لإسقاط الحق، ولا سيما إذا أمكن الاحتراز منه بتجنب الإرضاع عند وجود تشققات على حلمة الثدي. (٢)

ونوقش بما يأتي: أ- إن الاحتمال يزيد بعدة عوامل؛ كزيادة مدة الرضاع، وشقاوة الطفل الذي يكون قابلية العض منه أكثر. (٣)

ب - إن المفسدة - وهي: احتمال انتقال هذا الوباء - أعظم من المصلحة المذكورة، ولا سيما أنها - أي: المفسدة - عام في مقابل مصلحة خاصة. (٤)

- الترجيح: الراجح هو أنه لا يجوز للمصابة بالإيدز إرضاع من كان سليمًا؛ لما تقدم في صدر المطلب، ولأن سد الذريعة معتبر في مثل هذا؛ قال الشاطبي ت ٧٩٠ هـ: النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا؛ كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل؛ مشروعًا لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه، وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك؛ فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية، فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى المفسدة؛ تساوي المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعًا من إطلاق القول بالمشروعية، وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم مشروعية، ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية. وهو مجال للمجتهد صعب المورد، إلا أنه عذب المذاق محمود الغب، جار على مقاصد الشريعة ا. هـ (٥)


(١) ينظر: د. راشد الشهري: المصدر السابق، (١/ ٣٦٩).
(٢) ينظر: أ. د. محمد عبد السلام أبو النيل: المصدر السابق، (ص ٢٧٢).
(٣) ينظر: د. راشد الشهري: المصدر السابق، (٢/ ٥٧٠).
(٤) ينظر: د. راشد الشهري: المصدر السابق، (٢/ ٥٧٠).
(٥) الشاطبي: المصدر السابق، (٥/ ١٧٧ - ١٧٨).

<<  <   >  >>