للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كان الرضيع مصابًا بالفيروس نفسه، كما لو أصيب أثناء الولادة؛ فلا حرج من إرضاعه إذ كان المحذور واقعًا، وما يخشى منه منتفيًا (١)، أو كان على الطفل خشية الهلاك؛ فترضعه؛ كما لو لم توجد مرضع أخرى، أو لم يقبل ثدي امرأة أخرى. (٢)

وهذا شبيه بحالات الاضطرار الاستثنائية في أكل أمثال الميتة، والدم المسفوح، ولحم الخنزير؛ حين كانت محرمة، فأبيحت لمن اضطر إليها غير باغ ولا عاد، كما قال الحق جل ذكره: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة البقرة: ١٧٣] (٣).

- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر وفق المترجح فيما يأتي:

١ - انتقال المرض من المرضع إلى الرضيع يعد جناية، وقد قرر أحد الباحثين (٤) أنها من باب الخطأ لا العمد؛ فإذا انتقلت العدوى ثم تعدى الأمر إلى الوفاة فهو - أيضًا - من قبيل القتل الخطأ وما جرى مجراه، ودلل لذلك بقوله: إنه لا مجال للشك أن عاطفة الأم وحنانها يمنعها إذا كانت سوية أن تتعمد إيذاء ابنها وفلذة كبدها، وعليه؛ فلا يتصور في جانب الأم الإيذاء العمد لابنها ا. هـ

٢ - إذا أرضعت المصابة بالإيدز ولدها، ولم تعلم بمرضها أنه ينتقل بالرضاع؛ فلا موجب للإثم، ولا مسؤولية عليها؛ لأنها فعلت المأذون لها فيه متحرزة من كل ما تعلمه، فيرتفع الحرج عنها. (٥)

٣ - متى أرضعت الأم ولدها مع علمها بالمرض وانتقاله بالرضاع، ولكنها تحرزت باستشارة أهل الخبرة من الأطباء، فنصحوها بالرضاع؛ فلا مسؤولية، ولا موجب للإثم - أيضًا -. (٦)


(١) ينظر: أ. د. عمر الأشقر: المصدر السابق، (ص ٦٨).
(٢) د. سعود الثبيتي: الإيدز أحكامه وعلاقة المريض الأسرية والاجتماعية (ص ٤٢).
(٣) ينظر: د. راشد الشهري: المصدر السابق، (٢/ ٥٧١).
(٤) ينظر: د. راشد الشهري: المصدر السابق، (٢/ ٧٥٨ - ٧٥٩).
(٥) ينظر: د. راشد الشهري: المصدر السابق، (٢/ ٧٦٠ - ٧٦١).
(٦) المصدر السابق.

<<  <   >  >>