للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما لو قال: غلطت، أو وهمت، أو أخطأت؛ فهل يقبل منه؟ وإذا كان يقبل منه؛ فهل يجري هذا القبول مع تكرار الشهادة أو الإقرار؟ تلك مسألة تباينت فيها آراء الفقهاء، على ما يأتي:

القول الأول: يقبل قوله.

ونسب هذا القول إلى أبي حنيفة (١).

القول الثاني: صدّق في رجوعه، ولو تكرر إقراره، أو وافقته المرأة في إقراره؛ إلا أن يَثبُت عليه - يعني: أن يثبت على إقراره، ومنه المداومة والإصرار -؛ فلا يصدق في رجوعه، ولو جحد بعد ذلك، وهذا ما يعني التفصيل في قولهم على النحو الآتي:

أ- إما أن لا يثبُت على إقراره؛ فيصدق في رجوعه، ولو كان متكررًا، أو وافقته المرأة عليه.

ب- أو أن يثبت على إقراره؛ فلا يصدق في رجوعه عنه، ولو جحد بعد ذلك.

ومن صور الثبات على الإقرار عند أصحاب هذا القول؛ أن يقول: هو حق، أو هو كما قلت، ما أقررت به ثابت، هو صدق، هو صواب، هو صحيح، لا شك فيه عندي، ونحوه.

وليس يدخل في الثبات على الإقرار عندهم تكرار الإقرار؛ فلا يكون مانعًا من الرجوع.

وبه قال الحنفية. (٢)

القول الثالث: لا يقبل رجوعه، ولا يصح النكاح.

وبه قال الشافعية (٣)، والحنابلة مع قيد التفريق بينهما من دون نفي الصحة (٤)، وزاد الحنابلة: فأما فيما بينه وبين ربه، فينبني ذلك على علمه بصدقه؛ فإن علم أن الأمر كما قال،


(١) ينظر المصدر الآتي.
(٢) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٧ - ٤١٩).
(٣) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٩٧). النووي: المصدر السابق، (٩/ ٣٤).
على أنه يفهم من بعض تحريرات الشافعي في مواطن من المرجع السابق أن النكاح يحل لهما ولأولادهما فيما بينه وبين الله تعالى إن علما أنهما كاذبان، وهذا يخصص عدم تصحيح النكاح الآنف بأنه عدم التصحيح القضائي لا الشرعي. ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٩٨).
(٤) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٤٣). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٥ - ٢٧٦). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٥).

<<  <   >  >>